كتابات وآراء


الإثنين - 25 مارس 2019 - الساعة 12:20 ص

كُتب بواسطة : محمد نجيب - ارشيف الكاتب


- يعتبر مجلس اللوردات ومجلس العموم البريطاني الجهات المسؤولة عن إعداد ومراجعة وصياغة وإصدار ومتابعة تطبيق القوانين والسياسات في المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وشمال إيرلندا. بيد أن مجلس العموم هو الجهة التي تميل لها الدفة اكثر في هذا المجال كونه يضم بين أعضاءه الجهة التنفيذية؛ رئاسة الوزراء والحكومة بكامل أعضائها.

كما ان له الثاتير الأعظم في توجيه سياسات المملكة المتحدة الخارجية وعلى مستوى المحافل والقضايا الدولية.

- يبلغ عدد اعضاء مجلس العموم البريطاني (البرلمان) نحو 650 عضوا ينتخبون مباشرة في إنتخابات مباشرة، حرة، نزيهة وديمقراطية؛ ويطلق عليهم "اعضاء البرلمان" ولمدة 5 سنوات (وليس 16 عاما).

- وتؤلف الحكومة من قبل الحزب الذي يفوز بالأغلبية الإنتخابية كما هو الحال في الوقت الراهن حيت يسيطر حزب المحافظين برئاسة السيدة تيريزا ماي على نحو 314 مقعدا من اصل ال650 مقعدا. يليه منافسه التاريخي واللدود حزب العمال البريطاني ب 245 مقعدا. وتتوزع بقية المقاعد على احزاب وكيانات عدة.

- في شهر فبراير الماضي 2019م وبدعوة من مجلس العموم البريطاني (البرلمان) قام الرئيس عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الإنتقالي الجنوب بزيارة لندن، عاصمة الضباب كما يطلق عليها، لتعريف الحلقة السياسية البريطانية بالمجلس الإنتقالي الجنوبي؛ اسباب تأسيسه وظروف نشأته والتأييد الشعبي على وحجم انتشاره على الأرض... إلخ. ولكن ما هو اهم وابلغ كان رغبة الساسة البريطانيين معرفة "رؤية" المجلس السياسية فيما يدور في الوقت الراهن على الارض من حرب للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، حماها الله من كل عين وسوء وشر، ضد ميليشيات الحوتي الإنقلابية والمدعومة من قبل إيران عامة ومطالب المجلس في "حق تقرير المصير" لشعب الجنوب خاصة؛ بل حقه في استعادة دولته الجنوبية بحدود 21 مايو 1990م.

ويبدو ان الرئيس عيدروس الزُبيدي وفريق عمله قد ابلوا بلاءا حسنا وطيبا. تم تعريف اسباب ومراحل تأسيس المجلس والتأييد والدعم الشعبي والجماهيري الكبير والتلقائي الذي احتضن المجلس على كل أرض الجنوب بدون استثناء ومن مختلف طبقات ومستويات القواعد الشعبية. وفي خلال مدة زمنية قصيرة قام المجلس ببناء واقامة وتشييد هياكله ومؤسساته المختلفة في كل المناطق الجنوبية وفي مجالات عدة وبالأخص العسكرية والأمنية (كالنخب الجنوبية المتعددة والحزام الأمني) والتي تتعاون وتعمل يد بيد مع قيادة التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية حماها الله من كل عين وسوء وشر، في عاصفة الحزم ومحاربة الإرهاب بكافة أشكاله وأنواعه. وعمل ونجح المجلس من خلال أجهزته على تثبيت الأمن والاستقرار وتطبيع الحياة في كل المناطق المحررة. واستبق الرئيس عيدروس الحدث وأكد أن كل هذه الإنجازات العسكرية والأمنية على مستوى كل المناطق المحررة كانت لم تكن لولا الدعم السخي والغير محدود وتوفير كافة الموارد اللازمة من قِبل الشقيقة صاحبة الأيادي البيضاء، دولة الإمارات العربية المتحدة.

.اما عن أجندة المجلس السياسية الحاضرة (الحرب القائمة) والمستقبلية (بعد إنتهاء الحرب) فقد استطاع الرئيس الزُبيدي وطاقم فريقه تقديم وعرض رؤية المجلس الشفافة بهذا الخصوص والتي تلخصت في الآتي:

1- المساعدة والمساهمة والمشاركة مع الأشقاء في التحالف العربي على وقف الحرب بالأسلوب والمنهج اللذان يسهمان في تثبت أهداف التحالف العربي من استعادة الشرعية. والحفاظ والدفاع عن الأمن الوطني والأمن الإقليمي والأمن القومي العربي الشامل.

2 - محاربة وإجتثات والقضاء على جذور الإرهاب بكافة أشكاله وأحجامه.

3 - إشراك الجنوبيين، ممثلين بالمجلس الإنتقالي الجنوبي، وهو ليس الوحيد في الميدان، ولكن صاحب أكبر قاعدة ومساحة من التأييد والتفويض الشعبي الجنوبي والقائم بمؤسساته على ما يقارب كل الجنوب. وتعتبركل هذه الوقائع على أرض الجنوب من الناحية العملية والمنطقية أكثر من أن تؤهله ليكون شريك أساسي ومهم وحاضر في أي مفاوضات أو قرارات حول مستقبل اليمن وذلك تحت مبدأ "حق تقرير المصير للجنوب وشعبه في استعادة دولته الجنوبية على حدود 21 مايو 1990م".

وأكد الرئيس عيدروس أن هذا المطلب / الهدف الأساسي السامي، الغير قابل للنقض أو التغيير، سيساهم ويؤسس في استتباب السلم والأمان والاستقرار في هذه المنطقة الإستراتيجية والمهمة اقتصاديا على مستوى التجارة العالمية. وغير ذلك، سيولد حالة من استدامة عدم الإستقرار والفوضى في هذه البقعة وثأتيراتها المخيفة والمدمرة في الإقليم وإجهاض أي تطور وتقدم لشعوبها ودولها.

- رؤية المجلس باستعادة الدولة هو عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل 22 مايو 1990م بين دولتين شقيقتين جارتين، الجمهورية العربية اليمنية ودولة الجنوب مع علاقة حسن الجوار بين الشعبين الشقيقين والتي كانت عميقة وسائدة منذ مئات السنين.

هذا الطرح السياسي والمنطقي والشفاف ونضج وتطور وعقلانية ومرونة مواقف المجلس السياسية وقبوله بالرأي الآخر والآخرين وتأقلمه مع كل ما يخدم هدف "استعادة" دولة الجنوب "بحدود" 21 مايو 1990م، جعلته دون شك شريكا واقعيا واساسا لا يمكن تجاهله او الاستغناء عنه في كل ما يخص "الجنوب"؛ كونه المكون الشعبي الفعلي والحقيقي الأكبر على الأرض مدعوما بإمتلاكه وحيازته للإمكانيات الكبيرة، اللوجستية منها على وجه الخصوص. أضف إلى ذلك امتلاك المؤهلات والقدرة الفعلية مصحوبة بالرغبة الحقيقية والصادقة في إيصال أماني وتطلعات شعب الجنوب في إستعادة "هويته ودولته"...

- وبالعودة إلى لندن، تبدو بريطانيا العظمى، والتي حكمت عدن لنحو 130 سنة، ومع خروجها الحتمي، من الاتحاد الأوروبي في موقف أفضل للتفرغ والتركيز على استعادة دورها الجيوسياسي في الخليج والجزيرة كما ظهر في حراكها الدبلوماسي النشط في اروقة الأمم المتحدة. كما تطمح إلى توسيع مصالحها الإقتصادية في المنطقة التي تحوي على نحو 40 في المئة من الاحتياطي النفطي العالمي. كما يبدو ان المملكة المتحدة على توافق سياسي مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وهم اقتصاديا معا يمثلون نحو 50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي العربي.

- في القرن التاسع عشر وحتى ستينات القرن العشرين الماضيين واثناء الحكم البريطاني، كان الجنوب (عدن) البوابة الإقتصادية والتجارية لدول الجزيرة والخليج. وإذا كانت هذه الدول في وقتنا الحاضر قد اصبحت اقتصاديا اكثر تطورا ورخاء وغناء مقارنة بحال الجنوب ومما كانت عليه منذ نحو نصف قرن، فإن وقود ومحركات استدامة هذا النمو والتقدم في هذه الدول الشقيقة لن يأتي فقط عن طريق / بواسطة الموارد المالية الهائلة التي بحوزتها ويمكن تسخيرها بسهولة ويسر، بل لا بد من استقرار سياسي واقتصادي وامني وسلم اجتماعي في كل دول الاقليم دون استثناء؛ عودة دولة الجنوب بحدود 21 مايو 1990م سيكون وسوف يمهد ويؤسس لعامل استقرار وتفاهم ومنفعة وأمن و سلام؛ دولة الجنوب ستكون بمشيئة المولى عز وجل بمثابة الحارس اليقظ والامين والصادق والصخرة التي تتحطم عليها كل واشمل المؤامرات على المنطقة.

- الإعلام البريطاني الاقدم عالميا، المعروف بحريته الشبه مطلقة وبمهنيته واحترافه وبحنكته الذكية والمستفزة لم يجد ما يفند به او يدحض أطروحات المجلس السياسية أمام مجلس العموم البريطاني و / او التصريحات واللقاءات الاعلامية الأخرى. ولم يجد هذا الإعلام إلا ان يرفع قبعته تحية واحترام للرئيس وفريقه...

- برغم ضباب لندن، فقد وضحت الرؤية....