كتابات وآراء


الخميس - 04 ديسمبر 2025 - الساعة 09:13 ص

كُتب بواسطة : خالد اليماني - ارشيف الكاتب


تلوح تباشير استقلال الجنوب العربي هذه الأيام من سيئون، من حضرموت الماضي والحاضر والمستقبل الجنوبي. فانتصارات القوات الجنوبية التي تحققت خلال اليومين الماضيين تجعلنا نتطلع إلى المزيد من الخطوات تحت راية المجلس الانتقالي الجنوبي، المنصورة بإذن الله، في طريق تمكين الذات الجنوبية وإحقاق الاستقلال الناجز.

وهذا ما أكده فخامة الأخ الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزبيدي أمام الحشود الجنوبية في العرض العسكري المهيب بالذكرى الثامنة بعد الخمسين للاستقلال، حينما شدّد على انتزاع الاستقلال الثاني الذي يحققه شعبنا اليوم على أرض الواقع خطوة بعد أخرى، بصبر المؤمنين بحقهم في الحرية والكرامة والسيادة على الأرض.

لقد كان للاحتفال بعيد الاستقلال هذا العام طعمٌ استثنائي غمر أبناء الجنوب كافة في الداخل والخارج. وكنت على موعد هذا العام، أنا وإخوتي أبناء الجنوب في "مركز عدن" في مدينة تشكاغو، لنحتفل معًا بعيد الاستقلال، ولنحتفل أيضًا بالوعد الزبيدي الواثق بأن الاستقلال على مرمى حجر، ذلك الوعد الذي حمله في مسيرته النضالية من جبال الضالع مع رفاقه من كل الجنوب منذ تحرير عدن من الحوثيين في أغسطس 2015.

كان التحرير الأسطوري للعاصمة عدن وتأمينها من الإرهاب بداية مسيرة الانتصارات التي تقودنا اليوم نحو هدف الاستقلال الثاني. وتوالت بعدها انتصارات كثيرة، من بينها تحرير المكلا من الإرهاب القاعدي وتحرير شبوة. ومع قيام المجلس الانتقالي الجنوبي، بدأت مسيرة التمكين الذاتي الجنوبي بخطوات مدروسة نحو الاستقلال الناجز.

ولا يسعنا ونحن نحتفل إلا أن نتذكر الشهداء الذين يسقطون في طريق الحرية الطويل؛ مثلما قال شوقي:

للحرية الحمراء بابٌ، بكل يدٍ مضرّجة يُدقّ، وللأوطان من دم كل حرٍّ يدٌ سُلِبت ودَينٌ مستحق.

ولا يسعنا أيضًا، ونحن نحتفل بعيد الاستقلال، إلا أن نستحضر بمزيد من العرفان والامتنان دور التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، الذي جعل طريق الحرية سالكًا وصولًا إلى استقلال الجنوب العربي، وتحقيق السلام في اليمن.

كتبت خلال الأشهر الماضية العديد من المقالات التحليلية في العاصمة الأمريكية واشنطن، عن الوضع في اليمن، وعن الخطر الحوثي الإيراني ذي الأبعاد الإقليمية والدولية، وخصصت الكثير من التركيز في مقالاتي للتطورات في الجنوب التي يقودها ويمسك بزمام المبادرة فيها المجلس الانتقالي، بدءًا من القرارات الوطنية الجريئة للأخ الرئيس عيدروس الزبيدي، ونتائج زيارته الناجحة للأمم المتحدة، وتناولت تباشير الاستقلال الجنوبي، ورؤية المجلس الجنوبي الثاقبة للانعتاق.

وحينما وقفت أمام أهلي وعشيرتي في تشكاغو، أوجزت ما كتبته خلال الأشهر الماضية حول أهمية الاصطفاف الوطني الجنوبي لكل القوى السياسية الجنوبية في الشرعية، وفي الخارج، وللقوى المجتمعية في عموم أرض الجنوب، خلف راية المجلس الانتقالي الجنوبي وربّان مسيرة الاستقلال الثاني، الرئيس عيدروس الزبيدي. فأسعد ما قلته الآلاف من الجنوبيين، فيما تفجّر بعض من الشماليين غيظًا وفسقًا في إلقاء التهم، ونعتي بما جادت به قريحتهم من القذى وثقافة رفض الاختلاف البائسة، والإصرار على الوصاية على الجنوب التي جُبلوا عليها. فأصبحتُ في نظرهم إسرائيليًا صديقًا حميمًا لنتنياهو، وحينًا حبشيًا، وهنديًا، وبنغلاديشيًا، فقط لأنني قلت في ذكرى استقلال الجنوب ما قاله الشاعر الجنوبي العدني الكبير لطفي جعفر أمان:

بلادي حرة… بلادي حرة… بلادي حرة.

وأقول لأشقائنا الشماليين إن مشروع الاستقلال بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو مكوّن رئيس في مجلس القيادة الرئاسي الذي خلف الرئيس عبدربه منصور هادي، مشروع معلن ومعروف لدى القاصي والداني، ولا يجوز أن يُعامَل بهذا الحجم من الكره والمكر والمؤامرات للانقضاض عليه. فماذا أبقيتم للشراكة وأنتم تشهرون سيوفكم في وجهه؟ وماذا أعددتم من عدة لمحاربة الحوثي الذي يقف بينكم وبين أموالكم وبيوتكم ومزارعكم وأحلامكم التي تركتموها خلفكم في صنعاء؟ أم حسبتم أن مشروعكم سيبقى في اغتراب في الفضاء الافتراضي دائما؟.

سيبقى أشقاؤنا الشماليون، رغم سفه البعض القليل الذين باتوا يصنَّفون إرهابيين على مستوى العالم، شركاء، تجمعنا بهم روابط إنسانية عميقة في مسيرة الحياة تحت أغلال وحدة الإلحاق المريرة. فقد كانت مشاعرهم الإنسانية الحقيقية سندًا لنا خفّف من قسوة غربة الوطن، بعد أن هجرنا بيوتنا وذهبنا للعيش في صنعاء. وسنظل إخوة، نتقاسم الخبز معًا، وحينما يقفون معنا لنيل استقلالنا الثاني إنما يقفون مع الحق المشروع الذي يعرفونه يقيناً، ولن نتوانى عن الوقوف معهم لهزيمة المشروع الحوثي الإيراني حينما يعلنون النفير.