كتابات وآراء


الثلاثاء - 30 مارس 2021 - الساعة 11:34 م

كُتب بواسطة : وديع منصور - ارشيف الكاتب


لا أحد يعرف بعد كيف ستنتهي الحرب في اليمن ومتى ؟ وعلى الارجح لا أحد يستطيع أن يؤكد ما إذا كان اليمن سيعود دولة واحدة أم لا.

وهل إيقاف الحرب سيعني بالضرورة إنتهاء أزمات هذا البلد الكثيرة؟

من السذاجة الإعتقاد بأن إيقاف الحرب في اليمن يمكن أن يتم بمعزل عن التسوية مع إيران .. والحال كذلك يتعلق بالإعتقاد بأن التدخلات الخارجية المعطلة يمكن أن تتوقف فقط لأن واشنطن قررت إيقاف حرب اليمن.

على أية حال هناك من بدأ يتحدث عن مؤشرات إيجابية على نجاح المبعوثين الأممي والأمريكي في تقريب وجهات النظر بين الأطراف اليمنية لوقف إطلاق النار، والذهاب نحو محادثات سلام شاملة.

لكن هذه المواقف الإيجابية قد تنهار لاحقا مع الحوثيين ببساطة، مثلما حصل في السابق حين كانت طهران تقرر ذلك. فقد تم تجريب كل الأساليب مع حكام صنعاء الجدد وداعمهم المذهبي خلال السنوات الماضية، لكن كل تلك الأساليب لم تفلح كما كان يؤمل منها. ما الذي سيجعل جماعة الحوثي هذه المرة تستجيب للسلام؟ وماهي خيارات المملكة العربية السعودية المتاحة بعد مبادرتها الأخيرة التي رفضها الحوثيون عمليا، على الأقل حتى الآن؟ . وإلى أي حد يمكن أن تذهب إدارة بايدن من أجل فرض إيقاف الحرب في اليمن.

رئيس وزراء بريطانيا، قال قبل أيام، إن بلاده مستعدة لإرسال جنودها إلى اليمن لو طلب منها ! ماذا يعني ذلك؟ هل هذه إشارة لإمكانية تدخل عسكري دولي قادم في اليمن؟

هل لدى إدارة بايدن خطة في الأساس لوقف الحرب في اليمن، ام أن الأمر لا يعدو أكثر من التعويل على الوساطات؟

من الواضح أن أيا من الأطراف المتقاتلة المختلفة لا تتمتع بالقوة الكافية لفرض إرادتها على بقية البلاد ..

ومايزيد الأمر سوءا هو أنه كلما استمر القتال، زاد احتمال ظهور المزيد من الجماعات المسلحة.

بعد 6 سنوات من الحرب، ومئات الآلاف من القتلى والجرحى والنازحين، وأسوأ أزمة إنسانية في العالم، انقسم اليمن إلى درجة أنه من غير المرجح أن يعود دولة واحدة.

هذا التوقع تضمنه تقرير لمعهد بروكنغز الأمريكي، وعلى الرغم من أن كاتب التقرير يستبعد عودة البمن دولة واحدة، إلا أنه قال إن اليمن لن يعود إلى التقسيم بين الشمال والجنوب قبل عام 1990، وبدلا من يمن واحد أو اثنين، ستصبح هناك دويلات صغيرة ومناطق يسيطر عليها عدد متزايد من الجماعات المسلحة، وكل منها لها أهداف ومسارات مختلفة.

الحروب لا تتوقف، بمجرد إعلان النوايا الصادقة أو من خلال الترحيب بمبادرات، أو عبر زيارات مكوكية لمبعوثين نشطين .. أو لقاءات مكثفة لمسؤولين مهمين في عواصم مختلفة .. فمع تزايد إنعدام الثقة بين أطراف الصراع، تكون أي محاولة جادة لبناء ثقة الأطراف المتقاتلة أمرا شاقا، وقد يتطلب الأمر سنوات ليست قليلة.

الأزمة الإنسانية في اليمن وهي الاسوأ على مستوى العالم، والأكبر منذ الحرب العالمية الثانية لم تشفع حتى بتثبيت هدنة .. ناهيك عن وقف الحرب. لكن هذه الأزمة الإنسانية ذاتها يمكن حسب رأي البعض أن تشكل مدخلا دوليا مناسبا لفرض وقف القتال بالقوة، وليس بالتفاوض فقط. هل يمكن أن يحدث ذلك؟ ربما.

الأكيد أنه لن ينسحب أي طرف من أطراف الصراع لأن هناك طفل يموت في اليمن كل عشر دقائق. ولن يضع اليمنيون السلاح جانبا لأن بلدهم في طريقه قريبا لأن يصبح أفقر دولة في العالم . إنه صراع يتعلق بالسلطة والثروة والنفوذ وتغييب عقول أعداد غير قليلة من أبناء هذا البلد الممزق، وهو صراع ليس بجديد على اليمنيين، لكنه هذه المرة يحمل ما يكفي من أحقاد الماضي، لتغذيته لزمن أطول.

إيقاف الحرب في اليمن أصبحت ضرورة أخلاقية عاجلة للمجتمع الدولي. لكن كيف سيتم إيقافها؟ وما هي الخيارات الواقعية المتاحة لأصحاب النوايا الحسنة؟ وفي ظل أن العالم أصبح أكثر مديونية وإفلاسا، والوباء مستمر في إنهاكه، من سيتحمل تبعات التدخل في واحدة من أعقد الصراعات وأكثرها عبثية؟