كتابات وآراء


الخميس - 27 نوفمبر 2025 - الساعة 07:45 م

كُتب بواسطة : خلود علي علوي - ارشيف الكاتب


تمر هذه الأيام الذكرى الثامنة والخمسون لاستقلال جنوبنا الحبيب، في 30 نوفمبر 1963م، ذلك اليوم الخالد الذي ارتفع فيه العلم الوطني مكان علم المستعمر البريطاني، معلناً نهاية صفحة من الكفاح والنضال، وبداية فصل جديد من السيادة والحرية. هذه الذكرى ليست مجرد مناسبة تاريخية نسترجعها من كتب الماضي، بل هي جذوة متقدة تضيء درب النضال الراهن، وتربط ماضي التحرير المجيد بحاضر الكفاح من أجل استعادة الدولة الوطنية الجنوبية.

لقد سطر أجدادنا وآباؤنا بدمائهم وأرواحهم ملحمة التحرير من واحدة من أكبر الإمبراطوريات في التاريخ. لم تكن معركة سهلة، بل كانت مسيرة طويلة من التضحيات الجسام، أثمرت في النهاية عن قيام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. ذلك الإرث العظيم هو ليس ذكرى نتباهى بها فحسب، بل هو العهد الذي نحمل أمانته اليوم. إنه يذكرنا بأن حرية الأرض وكرامة الإنسان ليست هبة، بل هي حق يُنتزع انتزاعاً، وأن إرادة الشعوب أقوى من كل قوى الاستعمار والتبعية.

اليوم، ونحن نحيي هذه الذكرى الغالية، نجد أن شعب الجنوب الوفي لإرث أجداده يعيد إنتاج نفس ملحمة التحرير، ولكن في مواجهة جديدة. إنه يواجه محاولة طمس هويته ومصادرة قراره، بعد أن سلبت منه دولته وذابت سيادته في بوتقة مشاريع الوصاية والاحتواء بعد اجتياحه في عام 1994 والهيمنة عليه من قبل نظام الجمهورية العربية اليمنية في عهد رئيسها علي عبدالله صالح . من وسط هذه التحديات، انبعثت الإرادة الجنوبية من جديد، لتبدأ مسيرة النضال السلمي الرامي إلى استعادة السيادة الوطنية المسلوبة، وإعادة بناء الدولة الوطنية المستقلة على أسس عادلة وراسخة.

وفي هذا المسار الوطني التاريخي، برز المجلس الانتقالي الجنوبي كممثل شرعي واعٍ لإرادة شعب الجنوب، وقائداً عملياً لمسيرة استعادة السيادة الوطنية وبناء دولة ومستقبل الجنوب الحر. إنه يستلهم روح نوفمبر ويواصل مسيرتها، بقيادة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي، الذي يمثل رمزاً للوحدة الوطنية وإرادة التحدي. تحت قيادته الحكيمة، تحول حلم الجنوبيين من شتات وضياع إلى مشروع وطني ملموس، يضع أسس الدولة الوطنية الفيدرالية المستقلة، دولة النظام والقانون والمواطنة المتساوية، التي تحفظ الحقوق وتضمن التوزيع العادل للثروة والسلطة ونقوده مسيرة تقدمه ونمائه.

إن الربط بين ذكرى الاستقلال والنضال الراهن هو رباط المصير والهدف. فكما خاض شعب الجنوب معركة التحرير من الاستعمار الخارجي، فإنه اليوم يخوض معركة المصير من أجل تقرير مستقبله بيده. إن استعادة الدولة ليست شأناً جنوبياً داخلياً فحسب، بل هي استكمال لمسيرة التحرر الوطني، وإعادة للتوازن الإقليمي، ومساهمة في إحلال الاستقرار والأمن والتقدم والسلام .

إن ذكرى الـ 58 للاستقلال تذكرنا بأن الحرية هبة الأجداد، ولكن بناء الدولة والحفاظ عليها مسؤولية الأحفاد. إن الدم الذي سال في ثورة 14 أكتوبر لم يجف بعد، فهو يدفعنا اليوم للوقوف خلف قيادتنا في المجلس الانتقالي الجنوبي، والرئيس عيدروس الزبيدي، للمضي قدماً نحو الهدف الأسمى: استعادة الدولة الجنوبية المستقلة والفيدرالية. لأن في ذلك تحقيقاً لوعود الشهداء، وضمانة لمستقبل الأجيال القادمة، وإعلاءً لكلمة الحق والحرية التي لا تموت.

تحيا ذكرى الاستقلال.. ويعيش شعب الجنوب حراً أبياً في دولته المستقلة.