الجمعة - 21 نوفمبر 2025 - الساعة 06:47 م
في ظل جحيم معاناة الناس الحياتية وانقطاع الكهرباء والماء وعدم صرف المرتبات في مواعيدها فضلا عن تراكمها لاشهر متتالية، الموظفين المدنيين لاربعة أشهر اغسطس - نوفمبر بدون مرتبات ، اخيرا جادوا عليهم براتب شهرين ، فيما منتسبو القوات العسكرية والأمنية قديمها وحديثها بدون مرتبات لمدة خمسة أشهر متتالية وتردي الخدمات الصحية والتربوية وانحدار مستوى التحصيل العلمي قياسا بسابق عهدها.
ولمٌا كانت اسباب كل ذلك ووفقا لما سلف ليست موضوعية ولكن في معظمها ذاتية وبسبب انتشار ظاهرة الفساد المالي والاداري وبصوره واغطيته المختلفة ووصول مخالب الفاسدين إلى جسد المال العام والتلاعب والعبث به ( من أمن المساءلة ما هم العقاب ) مما ضاعف ذلك من جحيم المعاناة وزادها سوء على سوء.
لقد باتت الاسباب ومن يقف خلفها والمستفيدين منها بائنة تقريبا، طالما كانت الوقائع والمعلومة في عصر تطور العلوم والتكنولوجيا وانتشار منصات التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي قد صارت في متناول الجميع.
أن الجنوب بأهمية موقعه وخيراته المتوافرة والواعدة قد صار محلا لتسابق اجندة المصالح الخارجية وفي اطاره عاصمته التاريخية عدن الابيٌة لما تمتلكه من المقومات والخيرات الإضافية ايضا وميناء عالمي كان مشهودا له ذات يوم قبل أن يضعفوه وتشل قدراته واداءه في استقبال سفن الشحن البحري التجارية ومناولة حاويات البضائع لاستهلاك السوق المحلية ولإعادة التصدير ( الترانزيت) مما ترتب عليه فقدان البلد أهم مورد سيادي ومالي من العملة الاجنبية والمحلية وكذلك عائدات الضرائب الجمركية لصالح ازدهار موانئ مجاورة.
وفي السياق تجاهل إعادة اهم المرتكزات السيادية والإيرادية والخدمية الأخرى بكامل جاهزيتها وفي مقدمتها مصافي الزيت والتعامل معها بالتقطير ، وكذلك إهمال وعدم متابعة إعادة صيانة وتشغيل المحطة الكهروحرارية المنتجة للطاقة الكهربائية وفي ظل ما يعانيه المواطن من انقطاعات الكهرباء المستمرة، تلك المحطة التي كانت شعلتها ذات يوم تضفي جمالا على جمال سماء البريقة/ عدن الرائعة.
لقد ظهرت اجندة تضارب المصالح الخارجية كذلك فيما تشهده حضرموت وشبوة وسقطرى والمهرة من ذلك ليس ببعيد بسبب ما تمتلكه من المقومات وإطلالة وموانئ على بحر العرب ومناجم ورمال ذهب ومعادن نفيسة أخرى وامتدادا في صحراء الربع الخالي بما تشير إليه التوقعات عن احتضانها لحقول واعدة بالنفط والغاز تضاهي أغنى البلدان في هذه الثروات أن لم يكن أكثر، لأسباب هكذا يمكن قراءة لماذا الإبقاء على الجنوب في وضعه الحالي وعدم مساعدته او دعمه في تحقيق استعادة دولته ويمكن فهم ما تشهده حضرموت من تسابق اجندة المصالح بين دولتين اقليميتين وتبنٌي قوى محلية وتمويل قوات عسكرية بقصد التواجد والفوز بالكعكة أو على نصيب الأسد فيها.
نشرت صحيفة الأيام الغرٌاء في عددها ليوم الثلاثاء ١٨ نوفمبر الحالي ٢٠٢٥م تحت عنوان ( اجماع جنوبي داخل مجلس القيادة بشأن مصير حضرموت) وفي مستهله ( الرياض تتمدد وابوظبي. تترقب ومسقط قلقه من الدعم الأمني) وتفاصيل اوفر لما سلف استعراضه.
بما هي دول الرباعية الدولية وقياسا بمعاناة الناس ربما لم تفي بكل الالتزامات نحوهم وفقا لما ورد في البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة الصادر بقرار مجلس الأمن رقم ٢٢١٦ بتاريخ ١٤ ابريل ٢٠١٥م والذي يكلٌف دول الوصاية - السعودية والإمارات وامريكا وبريطانيا- المناط بها تطبيقه، إدارة البلد اقتصاديا وتوفير الخدمات الأساسية كهرباء ووقود ورواتب وصحة وتعليم، لاسيما وان تلك الخدمات والمرتبات قد تردٌت وعلى نحو ما هو معلوم وملموس.
فيما اتفاق الشراكة والموقٌع عليه في الرياض بين الحكومة والمجلس الانتقالي فى نوفمبر ٢٠١٩م ينص في أحد بنوده على إدارة موارد الدولة بما يضمن إيداع إيرادات الدولة في البنك المركزي بعدن وصرف رواتب ومستحقات جميع منتسبي القوات العسكرية والأمنية والمدنية ، ترى ماذا تحقق من ذلك؟ لا شي، ما تحقق هو ازدياد جحيم معاناة الناس الحياتية وعلى نحو ما يحكيه واقع الحال وحدث لا حرج.
وازاء كل ذلك فإن على شعب الجنوب الٌا ينتظر من ينقذه من كارثة المجاعة ( من يده في الماء ليس كمن يده في النار ) وان عليه الاعتماد على النفس والخروج إلى ميادين وساحات النضال السلمي في مسيرات وتظاهرات مدنية وحضارية، لا مكان فيها لقطع الطرقات فهي طرقاته ولإحراق الاطارات وتلويث البيئة فالبيئة بيئته أو الاضرار بمصالح ذات البين الخاصة أو المصالح العامة فالمستشفى يعالج مرضاه والمدرسة لتعليم اولاده.
فيما على القوى الحية المجتمعية والمدنية والمهنية واجب قيادة المسيرات والتظاهرات وعدم ترك الفرصة للمتربصين في اختراقها او إخراجها عن مسارها السلمي وأهدافها القائمة على حق الحياة الحرة والعيش الكريم ويقع على رجال الصحافة والإعلام وحملة الرأي واجب تغطيتها وإيصالها للرأي العام الإقليمي والدولي والمنظمات المهتمة بحقوق الإنسان ورعاية حقوق الأمومة والطفولة.
فيما يقع على رجال القانون ايضا واجب اعداد ورفع عريضة شكوى قانونية مدعومة بأسانيد وقائع وتفاصيل المعاناة ومن ازهقوا أرواحهم من أرباب الأسر بسبب ضيق الحال للخارج الاقليمي والدولي ومنظمات حقوق الإنسان وغيرها من المنظمات الحقوقية الأخرى وكل أنصار رفع الظلم والمظالم وتحقيق العدالة والانصاف من جور المعاناة والمجاعة وآثارها الكارثية على حياة الفرد والمجتمع.....