كتابات وآراء


الخميس - 27 نوفمبر 2025 - الساعة 09:25 ص

كُتب بواسطة : اللواء علي حسن زكي - ارشيف الكاتب


أن الاستقلال الوطني للجنوب الذي تحل ذكراه ال "٥٨" الغالية على شعبنا لم يكن فقط يوما سجٌله التاريخ بأحرف من ذهب ولكنه ايضا عنوانا لمنجزات تحققت في ظل دولته دولة الجبهة القومية وعهد رئاسة الشهيد سالمين، وعلى ما يمكن أن يكون قد رافقها من اخطاء نتاجا للممارسة ينبغي أن ينظر اليها ايضا بتجربة وظروف ومتطلبات يومها فيما الناس يصفون الماضي اليوم بالزمن الجميل :
على الصعيد الوطني تم توحيد أكثر من ٢٣ سلطنة وإمارة ومشيخة والجزر وعدن عاصمة الجنوب التاريخية ، توحيدها في كيان واحدا موحدا من المهرة إلى باب المندب (جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية) لا مكان فيها للفساد والعبث بالمال العام بل لم يكن هناك من يفكٌر فيه لعلمه أن اليد التي ستمتد إلى المال العام واي كان صاحبها سيتم قطعها.

وعلى الصعيد العسكري والامني تأسيس جيش وطني بفروعه الثلاثة البرية والبحرية والجوية بكامل الجهوزية الدفاعية والقتالية تسليحا وعدة وعتادا وتدريبا وتأهيلا وبعقيدة وطنية الولاء لله ثم للوطن ، للدفاع عن الوطن وحياضه وسيادته، لقٌن كل من أرادوا التطاول عليه دروسا لن ينسوها في الفداء والتضحية ، كان مشهودا له كثالث جيش من جيوش بلدان الشرق الوسط ، مسنودا بقوات وماليشيا شعبية ايضا.

فيما تم توفير الأمن والأمان والسكينة العامة للمواطنين وكشف الجريمة قبل وقوعها والحفاظ على الملكية العامة والخاصة من خلال تأسيس امن مهني مؤهل ومقتدر ومسنودا ايضا بلجان دفاع شعبي في جزء من مهامها أمنية واجتماعية ذات ارتباط بحل المنازعات والقضايا الأسرية التي يؤدي استفحالها إلى ارتكاب الجريمة.

لقد كان المواطن ينام على قارعة الطريق ويترك سيارته مفتوحة ويصحو وهي كما تركها وإذا نسى التاجر متجره مفتوحا يصحو الصباح ومتجره كما نساه وعليه القياس.

وعلى الصعيد التمويني كانت الدولة ومن خلال شركة التجارة الخارجية مسيطرة على استيراد السلع وتموين السوق من خلال شركة التجارة الداخلية ليس هذا وحسب بل وإنشاء شبكة تعاونيات استهلاكية في المديريات ايضا وأماكن بيع التجزئة وبتسهيل مالي من الدولة وتموينها بواسطة سيارات نقل توصل البضائع إلى مناطق تواجدها وتتحمٌل التكاليف وبيعها بأسعار موٌحدة وثابتة في المدينة والريف حيث انشأت الدولة صندوق موازنة الاسعار لتغطية ذلك واي تقلبات في الأسعار العالمية وتكاليف الشحن البحري.

كذلك مؤسسات التموين بالخضار والفواكه والأسماك واللحوم لتموين السوق وبأسعار زهيدة

وعلى الصعيد الصحي انشاء شبكة من المستشفيات في المدينة مزودٌه بالمختبرات والأشعة والدواء واسرٌة والرقود والغذاء ما على المواطن إلٌا توصيل مريضه فقط، وكذلك مراكز صحية في المديريات ووحدات صحية في المناطق.

ذوعلى الصعيد التربوي: التعليم الإلزامي ومحو أمٌية الكبار ورياض تعليم الأطفال يتوافر فيها فطورهم سندويش بالاجبان وبيض وكذلك الحليب، فيما كانت في الأرياف تتوافر سيارات اجرة على حساب الدولة لنقل الطلاب يوميا من قراهم إلى المدارس والعكس وفي المدينة لمواصلي الدراسة الثانوية والمهنية ودور المعلمين وكليات الجامعة وهم من المديريات كانت تتوافر لهم اقسام داخلية للغذاء والمأوى، فيما الوظيفة العامة متوافره ايضا يحصل عليها الطالب بعد تخرجه مباشرة.

وفي الجانب الاجتماعي توطين البدو الرحل والتخلص من العقلية القروية والمناطقية والتعصب القبلي وظاهرة الثأر ، حيث تم تأسيسها بإشراف الرئيس سالمين وقد تأسست إدارتها بدار الرئاسة وذلك لاستيعاب أبناؤهم وتوفير الغذاء والايواء والملبس والمعلمين لهم وكذلك استيعابهم في الثانويات ومنهم في كليات الجامعة ومنهم المبرزين ابتعاثهم للدراسة الخارجية في منح وعلى نفقة الدولة وحيث ساهم كل ذلك في التعايش الاجتماعي بعد أن صاروا الأبناء كالاخوة في المدرسة والكلية والجامعة ناهيك عن تشكٌل جيل منهم بعقلية مدنية.

على أن الابتعاث للدراسة كان ايضا للمبرزين اي كانوا ولقد تخرجوا طيارين وأطباء ومهندسين من أبناء الفئات الضعيفة لا فرق فالمعيار التفوق.

وعلى الصعيد الزراعي انشاء شبكة مزارع دولة نباتية وحيوانية ودواجن وبيطرة وشبكة تعاونيات زراعية وبناء سدود وقنوات ري وكذلك سمكية وطرقات وجسور.

وعلى الصعيد الصناعي انشاء شبكة مصانع: مصنع الغزل والنسيج، مصانع تعليب الأسماك بشقره وحضرموت ومصنع الطماطم ومصنع الغلال ومصنع الألبان وورش والقائمة تطول.

وعلى صعيد السيادة الوطنية والقرار المستقل اغلاق مضيق باب المندب أمام حركة السفن التي تحمل الدعم وفي مقدمته العسكري للكيان الصهيوني في حرب اكتوبر ٧٣م تضامنا مع شعب مصر الشقيق ( عنوانا ).

وببركات ! وحدة مايو ١٩٩٩٠م ونفحات ! قوى حرب عام ١٩٩٤م وما تناسل منها وثقافتها ! النرجسية وكذلك شرعنة ! الفساد صار كل ذلك اثرا بعد عين.

ولكل ما سلف فإن ذكرى الاستقلال ليست مناسبة للاحتفالات على أهميتها في تحفيز الذاكرة الوطنية الجنوبية ولكنها ايضا مناسبة لتشمير السواعد لاستعادة منجزات ومكاسب الاستقلال ودولته ومؤسساتها والبناء عليها وإخراج شعب الجنوب من كارثة المجاعة وتردي الخدمات وتوفير حق متطلبات الحياة والعيش الكريم واستعادة القرار الوطني المستقل كخطوة أولى وعاجلة على طريق استعادة الدولة الجنوبية كاملة الحرية والسيادة الوطنية والاستقلال على حدود ما قبل مايو ١٩٩٠م .....