الخميس - 09 أكتوبر 2025 - الساعة 04:07 م
إن تقييم تجربة المجلس الانتقالي الجنوبي لا يجب أن تأخذ من باب الخصومة أو التأييد، بل من زاوية المصلحة الوطنية الجنوبية العليا.
بل الفعل تمكن المجلس الانتقالي الجنوبي من تحقيق عدد من المكاسب في مقدمتها انتزاع الاعتراف السياسي ، إذ أصبح طرفًا في المعادلة الإقليمية والدولية. نجح كذلك في الحفاظ على بنية القوة الجنوبية، في المؤسسات العسكريةأ و الأمنية ومنع دمجها ضمن قوات "الشرعية "، وهو ما يُعد مكسبًا استراتيجيًا للمستقبل.
أما الشراكة فهي سلاح ذو حدين أتاحت من جهة للمجلس نافذة التواصل مع القوى الإقليمية والدولية، كما عززت من حضوره كفاعل لا يمكن تجاوزه في أي تسوية مقبلة ، و من جهة أخرى كان من المفترض أن تكون الشراكة خطوة مؤقتة تخدم مشروع استعادة الدولة ، لكنها تحولت إلى ارتباط طويل الأمد ,و بالتالي تقلصت مساحة قراره الوطني المستقل بفعل تأثير دول الجوار و في مقدمتها المملكة السعودية .
الانتقالي يواجه موجة من الانتقادات من قبل الشارع الجنوبي، بسبب تدهور الوضع المعيشي والخدمي وفشله في تحسين الإدارة المحلية .إضافةإلى اتهامات بغياب الشفافية والمساءلة و الفشل في توحيد الصف الجنوبي و احتواء مكونات جنوبية أخرى وشخصيات ، مما يهدد وحدة الموقف الجنوبي
ظاهرة النقد الذاتي لدى حركات التحرر عملية مراجعة داخلية تقوم بها الحركة لتقييم أخطائها وقراراتها، بهدف تصحيح المسار وتعزيز ثقة الجماهير بها، وضمان بقاء المشروع التحرري نقيًا من الفساد والانحراف.هو اعتراف بالخلل ورغبة في الإصلاح….وكل حركة تحرر لا تمارس النقد الذاتي بصدق، فهي معرضة لتكرار أخطائها، وخسارة مشروعها أمام الشعب حركات تحررية كبرى كالمؤتمر الوطني الإفريقي في جنوب إفريقيا مارست نقدًا ذاتيًا علنيًا وراجعت أداءها.على الانتقالي أن لا يرى النقد كعداء، بل كبوصلة لتطوير و تصحيح المسار وكسب ثقة الشعب.
الإنتقالي يمتلك رصيدًا نضاليًا كبيرًا لا يمكن إنكاره، لكنه يقف اليوم أمام مفترق طرق في غاية الأهمية و هو إعادة تصحيح مسار الشراكة لتكون في خدمة مشروع الدولة الجنوبية
المرحلة الحالية، مرحلة مفصلية تستوجب على الإنتقالي المرور إلى مرحلة التأسيس للدولة، انطلاقا من بناء الشرعية الشعبية والمؤسساتية،إذ لا يكفي السيطرة على الأرض أمنيًا. يجب صياغة “مشروع وطني جنوبي” متكامل يشمل دستورًا مؤقتًا، رؤية اقتصادية، سياسة خارجية، وعقد اجتماعي واضح. وفي مرحلة لاحقة يُطرح هذا المشروع على الشعب الجنوبي في حوار أو استفتاء. ..
لا يمكن الحديث عن “استعادة الدولة” دون وحدة جنوبية داخلية.و صياغة خطاب سياسي ناضج قابل للتفاوض في أي تسوية دولية قادمة.، و وضع تصور متكامل للعلاقة المستقبلية مع الشمال.