الأربعاء - 01 أكتوبر 2025 - الساعة 06:43 م
لهزيمة الحوثيين، على الحكومة اليمنية العودة إلى اليمن
قد يعقد السياسيون مشاورات في الرياض أو أبوظبي، لكن لا ينبغي أن يبقوا هناك لأكثر من يوم أو يومين
إذا كان المجتمع الدولي يريد من الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً أن تستعيد السيطرة على البلاد التي تمثلها، فإنه يتبع سلوكا غريبا في تشجيعها. فشركاء اليمن الدوليون يحتفظون بسفاراتهم المعتمدة لدى اليمن خارج أراضيه، وغالباً في السعودية. كما أن رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، يقيم في السعودية، في حين يعيش العديد من الوزراء و القادة الكبار في مصر أو الإمارات العربية المتحدة.
رغم أن الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً قد انتقلت مؤقتاً إلى مدينة عدن في الجنوب بعد أن استولى الحوثيون على العاصمة صنعاء، إلا أن الأمم المتحدة لا تزال تحتفظ بمكاتبها في صنعاء، وهو ما يجعل موظفيها وعملياتها فعلياً رهائن بيد الحوثيين. وليس ثمة سبب يمنع الأمم المتحدة من نقل مكاتبها إلى عدن سوى الإهمال والاستخفاف الواضح من شخصيات مثل الأمين العام أنطونيو غوتيريش، الذي يرى أن دوره يقتصر على التنقل عبر العواصم ورفع الشعارات الأخلاقية، لا على الإدارة وضمان سلامة موظفيه.
أما المشكلة الحقيقية فتتمثل في المكوّن الشمالي داخل مجلس القيادة الرئاسي، ممثلاً بشخصيات مثل رشاد العليمي، والزعيم القبلي من صعدة عثمان حسين مجلي، القادم من قلب معاقل الحوثيين. باستثناء الزعيم القبلي من مأرب سلطان علي العرادة، الذي يمكث في الغالب في مأرب، وقائد المقاومة الوطنية طارق صالح، الذي يقضي معظم وقته في المخا، فإن بقية القادة الشماليين يفضلون الإقامة في السعودية بدلاً من بلادهم. العرادة، بدوره، ينشغل بترسيخ إقطاعيته الخاصة في مأرب إلى درجة نادراً ما يزور فيها عدن، ولا يكاد يحضر اجتماعات مجلس القيادة الرئاسي هناك. وفي سياق السياسة الوطنية، يبدو العرادة كقلم توقيع آلي بلا حبر.
وفيما يتجه مجلس القيادة الرئاسي المحتل وظيفيا، نحو اجراء إصلاحات في تركيبته، يصبح من الضروري إلزام السياسيين الشماليين بالعيش داخل اليمن حفاظاً على شرعيتهم وشرعية المجلس ذاته. إذ قد يكون من المقبول عقد المشاورات في الرياض أو أبوظبي، لكن لا ينبغي أن تمتد إقامتهم هناك إلى أكثر من يوم أو يومين
تماماً كما يعيش أعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي ويمارسون حكمهم في عدن ومحيطها، ينبغي لرجال السياسة الشماليين أن ينتقلوا إلى المخا، المدينة اليمنية الشمالية على مضيق باب المندب، التي تم تأمينها من قبل طارق صالح، بالتنسيق مع القوات المسلحة الجنوبية، والتي يتوفر فيها الميناء والمطار. إن إقامة مركز للحكم في المخا لإدارة المناطق الشمالية المحرّرة ستكون رمزاً لاستثمار السياسيين في وطنهم. كما أن قرب المخا من الحديدة سيمثل دلالة إضافية على التزام الحكومة المعترف بها دولياً باستعادة الأراضي التي استولى عليها المتمردون المدعومون من إيران، ويوفّر للجيل القادم من القادة اليمنيين فرصة لإثبات قدراتهم على الحكم بدلاً من الاكتفاء بالوقوف على المنابر بالخارج.
لقد بات الحوثيون آفة على اليمن طوال فترة كافية. وكما قاومت أجيال سابقة محاولات الزيديين لفرض سيطرتهم على البلاد بأسرها، فقد حان الوقت لجيل اليوم لدفع الحوثيين مرة أخرى إلى صعدة، والقبض على مستشاريهم من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله ومحاكمتهم بتهم القتل.
وحتى يدرك العليمي ومجلي أن وطنهم هو اليمن وليس السعودية، وحتى يدرك العرادة ان وجوده يتجاوز إقطاعية مأرب، سيظل الشماليون يعانون الفشل.
حان الوقت للخطوة التالية: يجب أن يتواجد جميع السياسيين اليمنيين في اليمن. ويجب أن تكون جميع السفارات الممثلة لليمن داخل أراضيه، وأن تتوزع مكاتب الأمم المتحدة في المناطق المحررة