كتابات وآراء


الأربعاء - 13 أغسطس 2025 - الساعة 10:56 م

كُتب بواسطة : اللواء علي حسن زكي - ارشيف الكاتب


ان فتح بعض الطرقات وإنخفاض قيمة العملات الأجنبية وإرتفاع قيمة الريال اليمني حتى يتساوى مع قيمته في مناطق سيطرة الحوثي ولقاءات المبعوث الأممي الأخيرة في عمّان إمتداداً للقاءاته نهاية العام الماضي ان ذلك ربما يكون في إطار التهيئة لتسوية سياسية للقضية اليمنية ولذا يكون من نوافل القول ان (حلّ الدولتين مرتكز أي تسوية سياسية) طالما كانت القضية الجنوبية قد بدأت غداة إعلان وحدة ٢١ مايو ١٩٩٠م الإندماجية الموّقع عليها بين الحزبين الحاكمين انذاك رئيس المؤتمر الشعبي العام وأمين عام الحزب الإشتراكي ، بعيداً عن الإرادة الشعبية وعلى نحو ما تم. ان الوحدة قد تمت بين طرفين وكيانين/دولتين الجمهورية العربية اليمنية وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية : بأرضها ومياهها وممراتها وموانئها ومنافذها البحرية وجزرها وجرفها القارّي ومجالها الجوي وتعدادها السكاني وبعلمها ونشيدها وشعارها وعملتها الوطنية -الدينار الجنوبي- وبنكها المركزي ، ومقعدها في المحافل الدولية والاقليمية والعربية والإسلامية وتمثيلها الدبلوماسي.
ومع كل ذلك لقد فشلت الوحدة الإندماجية من الأساس بفشل مرحلتها الإنتقالية المزمّنة وفقاً لاتفاقياتها بعامين يتم خلالها إنجاز دمج مؤسسات الدولتين في إطار دولة الوحدة بسبب موقف الطرف الشمالي المناهض لذلك ومحاولة الإلتفاف عليه وحدوث الأزمة بين الشريكين ودخول اطراف دولية واقليمية على خط الأزمة للوساطة وانعقاد لقاء عمّان بالأردن برعايتها وإشراف مباشر من العاهل الأردني الملك حسين مطلع ابريل عام ١٩٩٤م وبحضور ليس الحزبين الموقعان على الوحدة ولكن كل الأحزاب اليمنية واقرار وإعتراف الكل بفشل الوحدة الإندماجية وفقاً لوثيقة العهد والإتفاق والتي تضمّنت ذلك واقرت إعادة صياغة الوحدة : وحدة فيدرالية بنظام المخاليف والتوقيع عليها.
وما لبث الطرف الشمالي طالما كان يرى في الوحدة مجرد فخ وخديعة وإستدراج وضم وإلحاق للسيطرة على الجنوب الأرض والموقع والمساحة والثروة وليس وحدة للشراكة النديّة ما لبث وبعد توقيعه عليها وثيقة العهد والإتفاق/وحدة المخاليف أن انقلب عليها قبل ان يجف مداد حبرها ، كإضافة لإنقلابه على مهام المرحلة الإنتقالية للوحدة الإندماجية.
حيث أعلن علي عبداللَّه صالح الحرب على الجنوب من ميدان السبعين بصنعاء يوم ٢٧ ابريل ٩٤م وبقوة الحرب احتل الجنوب، حيث حطّت قواته اوزارها في عدن يوم ١٩٩٤/٧/٧م والإستيلاء على الأرض والثروة ومقدرات ومقومات الدولة الجنوبية ونهب الجمل بما حمل والقائمة تطول.
ان القضية الجنوبية وفقاً لكل تلك المعطيات (قضية وطن ارض وشعب وهوية وتا ريخ واستعادة دولة) وقد بدأت غداة الاعلان عن الوحدة اليمنية الفاشلة وتجذّرت بالحرب والإحتلال في صيف عام ١٩٩٤م، وما تناسل من مخلفاتها وآثارها التي لا زال شعب الجنوب يكابد معاناتها حتى اليوم، فيما القضية الشمالية وُجِدَتْ عام ٢٠١٤م دخول الحوثي صنعاء.
مما يؤكد كل ذلك حقيقة وجود قضيتان قضية جنوبية وأخرى شمالية لكل منها أسبابها وخصائصها وليس قضية واحدة ووضعان مختلفان موجودان على الأرض وليس وضع واحد وأن أي محاولة لدمجهُنّ في سلة واحدة في إطار أي تسوية سياسية يجري التهيئة لها تحت عنوان القضية اليمنية أو محاولة الإبقاء على قضية شعب الجنوب وحقه في إستعادة دولته رهينة تحرير صنعاء هي مجرد محاولة عابثة تتعسف حقائق الواقع ولا تتفق معها ومرفوضة جنوباً جملة وتفصيلاً بعد كل التضحيات التي قدمها شعب الجنوب وبعد تحريره لأرضه وبعد أن راكم إنجازات ومكاسب على الأرض سياسية إقتصادية ، عسكرية وأمنية على طريق إستعادة وبناء دولته الجنوبية كاملة الحرية والسيادة والإستقلال على حدود ما قبل ٢١ مايو ١٩٩٠م المتعارف عليها دولياً.
ولكل ما سلف : فإن المخرج الآمن والسلس ، الضامن للمصالح الإقليمية والدولية ولسيادة الأمن والإستقرار في المنطقة والشراكة في مكافحة الإرهاب والقرصنة والمرور الآمن للتجارة الدولية والشحن البحري في المياه الإقليمية هو : حلّ الدولتين والعودة إلى وضع ما قبل مايو عام ١٩٩٠م وما عداه هباءً منثوراً …