كتابات وآراء


الأحد - 03 يوليه 2022 - الساعة 08:23 م

كُتب بواسطة : قاسم عبدالرب عفيف - ارشيف الكاتب


جاءت الهدنة لحاجة ضرورية لوقف الحرب بعد ان بلغت مداها الذي تعدى ساحة المعركة وهي اليمن الى ما وراء ذلك وكان العالم ينظر الى الحرب في اليمن كملهاة يوزع اشارات غامضة للاطراف المتصارعة ومن تحت الطاولة كأنه يشجع من يريد له تحقيق مقاصده من هذه الحرب وفي جانب اخر ابتزاز دول المنطقة ووضعها في حالة استنزاف مستمر حتى يضمن بقائها تحت مظلته ويمنع الخروج عن ما هو مرسوم لها.

لم تكن الحرب ستسمر اكثر من ستة اشهر وبالكثير ثمانية اشهر لو سلمت ادارتها قيادات عسكرية كفؤة واستثمرت الانتصارات الغير متوقعة للبعض التي حققتها المقاومة الجنوبية والتي لم تكن تملك غير اسلحتها الخفيفة تصاحبها ارادة وتصميم من قبل المقاتلين الجنوبيين على تحقيق النصر لكن المفارقة العجيبة انها استمرت واكملت سنتها السابعة ولم تحسم المعركة على الارض مع ان ميزان القوى بين المتحاربين كانت لصالح الشرعية على الاقل لسيطرتها الجوية على ارض المعركة بشكل كامل وللقدرة على الحشد بالقوى والوسائط وايضا احكام الحصار البري والجوي والبحري وايضا الحشد الدولي ورائها الغير مسبوق كل هذه العناصر مجتمعه وغيرها تعتبر اهم عوامل تحقيق النصر خاصة وقد كانت المقاومة الجنوبية بامكانياتها الضعيفة قد تمكنت من هزيمة جيش عفاش وجيش القناديل على ارض الجنوب التي تحررت في غضون ثلاثه اشهر.

كيف جرى سير المعركة وما هي عناصر الفشل التي ارتكبتها الشرعية معروفة للقاصي والداني ولا مجال لتكرارها مجدداً وكل هذه النتايج السلبية قادت الى الوضع الراهن الذي اصبح لا حرب ولا سلام واصبح اليمن شمالا وجنوبا محشورا في زاوية حادة قد تؤدي الى حروب تتناسل حول قضايا لا علاقة لها بالسبب التي قامت من اجله هذه الحرب وخاصة ما يجري في الجنوب وبشكل لافت للعالم كله من حصار تقوم به الشرعية ولا زال مستمر حتى بعد نقل السلطة.

يجري التسويف وضياع الوقت بشكل فاضح من قبل المجلس المؤقت (الشرعية الجديدة) لا انها حلت مهام تخفيف الاعباء على المناطق المحررة ولا انها تستعد لخوض حرب او لنقل تشكيل قوة ردع ضد الحوثي مستقبلا في حالة فشل المفاوضات ولا انها سمحت للقوات الجنوبية بان تعد نفسها لمواجهة الحوثي والذي هو قادم لاحتلال الجنوب في اي لخطة يتسنى له ذلك وانما الجنوب مشغول الان في الدفاع عن ذاته من الارهاب المسلط عليه ويعيش حالة بائسة بسبب عدم حل اي من معضلاته القائمة من العهد القديم للشرعية.

الهدنه يتم تمديدها بقوة العامل الخارجي (الاقليمي والدولي) وليست برغبة صادقة وبقناعة الاطراف المتحاربة ومع ذلك نلاحظ استرخاء الشرعية والركون على العامل الخارجي في استجداء الحوثي للتجاوب مع متطلبات الحلول المطروحه والتي تقلصت الى ادنى مستوى وتنازلت الشرعية عن سقوفها العالية والتي كانت مطروحة منذ بدء الحرب بينما الحوثي يضع الان شروطه وتقوم الشرعية بتلبيتها واحده تلو الاخرى ومن ضمن ذلك فتح مطار صنعاء وميناء الحديده ووقف الطيران اي وقف الحرب من جانب واحد وتمويله بالمشتقات النفطية والان لديه مطلب جديد وهو نقل البنك المركزي من عدن الى صنعاء وما خفي كان اعظم.

مع الاسف ضاعت الانتصارات اليتيمة التي حققتها القوات الجنوبية وسط اوهام عودة الدولة العميقة للاستحواذ عليها واستثمارها في تفاوضها مع الحوثي ولم يكن ذلك وحسب ولكن مع اصرار الشرعية على وضع الجنوب على حافة الهاوية وهي بذلك تمارس سياسة توجيه الصدمة لشعب الجنوب لكي يقبل مستقبلا باية حلول تنتقص مِن حقه المشروع لاستعادة دولته المفقودة والاكثر خطورة ان عمليات الارهاب قد تضاعفت بعد نقل السلطة مباشرة وانشاء مجلس الرئاسة المؤقت وكل ذلك يمارس على الجنوب وكأنه هو الذي عمل الانقلاب على الشرعية.

الهدنة هي وقف المعارك على جبهات محددة لكن في الجانب الجنوبي لم يلتزم الحوثي بها ونشاهده يقوم بخروقات واستهداف القوات الجنوبية في الضالع ويافع بين حين واخر كما نلاحظ ازدياد وتيرة العمليات الارهابية في الجنوب وبالذات في عدن وبعض المناطق الجنوبية الاخرى اعتقد من غير العدل ان يمارس الاقليم والعالم بالضغط على الطرفين في الالتزام بالهدنة ويتم تمديدها بين وقت واخر ولا يمارس الضغط على الجهات التي تمارس الارهاب ويتركها تقوم باعمالها الارهابية ضد الجنوب في عدن والمناطق المحررة الاخرى ونحن من جانبنا ندعو الاقليم والمجتمع الدولي لممارسة الضغط على الجهات التي تمارس الارهاب وهي معروفه او على الاقل ادخال قياداتها والمؤسسات التابعة لها ضمن العقوبات الدولية لكي ترتدع عن قتل الجنوبيين يوميا او اطلقوا يد الحنوبببن بالدفاع عن انفسهم وتمكينهم من قيادة امنهم بانفسهم دون تدخل من منظومة الدولة العميقه التي تحد من تحركها والتي لم تلزم مؤسساتها الامنية بتقديم الدعم والمساندة للقوات الجنوبية وعلى الاقل في المجال الاستخباراتي كونهم يملكون قاعدة بيانات للارهابيين.

من الملفت للانتباه بانه بعد نقل السلطة مباشره تم اطلاق سراح اخطر الارهابيين بشكل متزامن من سجون سيئون وصنعاء التي تسيطر عليهما الشرعية والحوثي وبعدها انطلقت التفجيرات في شبوه والمفخخات في عدن وغيرها مما يعني ان الجنوب سيظل تحت التهديد والابتزاز وان يظل تحت خط النار وتحت العقوبات والحصار المفروض عليه ومشغول في محاربة طواحين الهواء وفي مكان بعيد تجري المفاوضات السرية والعلنية بين الاطراف الاخرى شرعية وحوثي تحت رعاية دولية واقليمية حول نهاية الحرب وتسوية الخلافات فيما بينهما وبعد انجاز تلك المفاوضات بالاتفاق على التفاصيل يأتون لفرض الحلول وسيكون الجنوب مطلوب منه ان يوافق عليها كونه مشترك في الحكومة والمجلس الرئاسي كشهود ما شافوا حاجة وهم في الحقيقة متواجدين صوريا لكنهم ليسوا متواجدين في المفاوضات السرية والعلنية التي تجري في عواصم مختلفة من العالم ولم يكن احد يضعهم في صورة ما يجري بل اشغالهم في امور اخرى وفي نفس الوقت احراقهم امام حاضنتهم الشعبية كون الحصار لا زال قائم على الجنوب وايضا اطلاق يد الارهاب ليحصد الضحايا الجنوبيين كل يوم ولهذا نستطيع ان نقول بان هذه العملية السياسية القصيرة النظر لن تقود الى تحقيق امن واستقرار المنطقة لانه بدون اعطاء الجنوب حقه في استعادة دولته سيكون اي اتفاق ناقص وستظل القضية الجنوبية باقيه ما بقي شعب الجنوب حياً على ارضه.