عدن برس / الدكتور توفيق جوزليت
الأبعاد القانونية والجيوسياسية إذا أقدم الحضارم على صياغة مشروع حكم ذاتي في ظل غياب استقرار سياسي وأمني في المحافظات الجنوبية إلى حدود كتابة هاته السطور لا يوجد إجماع حضرمي على صياغة مشروع حكم ذاتي لحضرموت، فعناصر الانقسام السياسي بين المكونات الحضرمية واضحة المعالم، بعض الفاعلين الحضارم مرتبطون بالحكومة اليمنية. كما ان هناك حضور سياسي وعسكري للمجلس الانتقالي الجنوبي. ثم فريق ثالث يدعو لفصل حضرموت عن الطرفين.
حلف قبائل حضرموت الذي عرف انقسامات داخلية ملحوظة دعا قائده إلى صياغة مشروع حكم ذاتي . غير أن السؤال الذي يطرح نفسه بحدة : في إطار أي نظام سياسي سيتم تطبيق هذا المشروع ؟ هل في إطار دولة يمنية موحدة؟ أو جنوب مستقل تحت قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي؟ أو ربما كيان فيدرالي قادم لم تتشكل معالمه بعد؟
على صعيد البعد القانوني : هناك مبدئيا غياب لأي سند قانوني علما أن الدستوراليمني الحالي لا يمنح حق إعلان حكم ذاتي دون تعديلات دستورية، لهذا وذاك فإن أي إعلان أحادي من حضرموت سيكون من الناحية القانونية غير ملزم "Non binding" ويفتقر إلى المشروعية الدستورية، ويصنف بمثابة إجراء سياسي، وليس بخطوة قانونية.
سيعتبر المجلس الانتقالي الجنوبي ذلك المشروع تهديدًا مباشرًا لمشروع “الجنوب الموحد”، وسيتهم الحضارم بالخروج عن الصف الجنوبي، ما قد يولد صدامًا سياسيًا أو عسكريًا. بيد أن الحكومة الشرعية قد ترفض رسميًا هذا الإعلان لكنها ستكون عاجزة عن مواجهته فعليًا في ظل تشتت سلطتها بالنسبة لدول الجوار والأمم المتحدة ، السعودية لا تدعم علناً مشروع الحكم الذاتي، لكنها تحرص على استقرار حضرموت كمنطقة محورية لأي حل سياسي في اليمن. بخلاف الإمارات تنظر لحضرموت بمنظور استراتيجي ، وتدعم المشروع ضمنياً، خصوصاً إذا كان ستقود إلى نظام فيدرالي أو استعادة الدولة في الجنوب بما فيه حضرموت.
أما دوليا ، لا توجد أي وثيقة رسمية أو تصريح أممي يذكر دعم الحكم الذاتي لحضرموت.
ولكن من خلال تصريحات المبعوثين السابقين والحاليين، هناك قبول ضمني لفكرة اللامركزية أو الفيدرالية إذا كانت جزءاً من اتفاق يمني شامل….إذن انطلاقا من المعطيات القانونية والجيوسياسية المذكورة أعلاه يظل السؤال من أين تنبع صعوبة المطالبة بالحكم الذاتي في هذا التوقيت؟
لا توجد حكومة يمنية فاعلة تمارس سيطرتها الفعلية على الأرض، فالجنوب منقسم بين قوى متنافسة (الانتقالي / الشرعية) وقوى محلية (مثل حلف حضرموت)، مما يجعل أي مشروع للحكم الذاتي يبدو كجزء من صراع النفوذ، لا كخطوة لبناء مؤسسات.
الوضع الحالي في المحافظات الحنوبية على كافة الأصعدة أمنيا وسياسيا وجيوسياسيا يدعو القول إن تحقيق حكم ذاتي لمحافظة حضرموت يتطلب مسارًا سياسيًا وقانونيًا منظمًا يوازن بين مطالب أبناء حضرموت في إدارة شؤونهم المحلية، وبين الإطار السيادي للدولة اليمنية (وفي هذا الإطار يظل المجلس الانتقالي الجنوبي (رغم الانتقادات الموجهة اليه نتيجة الوضع المعيشي والاقتصادي المزري في كافة محافظات الجنوب) المؤهل لقيادة الدولة الجنوبية المنتظرة لأنه الأقوى حاليًا على الساحة الجنوبية من حيث التنظيم والدعم. إذا استعاد الانتقالي دولة الجنوب، فإن قبوله بحكم ذاتي لحضرموت سيتوقف على عدة عوامل من ضمنها الدعم الإقليمي والدولي لفكرة الحكم الذاتي. ورغبة الانتقالي في ضمان استقرار الدولة الجنوبية الجديدة ومنع الانقسامات الداخلية في خضم هاته التطورات المتسارعة يبدو أن مستقبل الشرعية في الجنوب مهدد بانهيار تدريجي، هناك إشارات إلى إعادة ترتيب للأولويات والتحالفات ، قد لا يكون التخلي بشكل رسمي معلن، ولكن من الناحية العملية، يمكن أن تدعم الرياض ترتيبات سياسية جديدة تُضعف سلطة “الشرعية” في عدن لصالح المجلس الانتقالي، ضمن تسوية أوسع للصراع اليمني لكي يكون المجلس الانتقالي الجنوبي مؤهلًا فعليًا ، على قيادته السعي وراء انفتاح على بقية المكونات الجنوبية والعمل على بناء مؤسسات إدارية فاعلة في عدن وباقي المحافظات .. وتبني خطة اقتصادية عادلة لتوزيع الموارد….. والأهم من هذا وذاك تبني خطاب بعيد كل البعد عن المناطقية ، وإعطاء الأولوية للمواطن بعيدا عن انتمائه الجغرافي.