كتابات وآراء


الإثنين - 15 سبتمبر 2025 - الساعة 01:05 م

كُتب بواسطة : مايكل روبنز - ارشيف الكاتب


هل يتعاون الرئيس اليمني رشاد العليمي مع الحوثيين؟

تشير التقارير إلى أن الاستخبارات السعودية اعتقلت صهر العليمي، نائب مدير مكتبه، بتهمة التعاون مع الجماعة الإرهابية.

مايكل روبنز

في 28 أغسطس 2025، شنّت إسرائيل غارة جوية استهدفت اجتماعًا لحكومة الحوثيين، أسفرت عن مقتل رئيس وزراء الجماعة أحمد الرهوي ومعظم وزرائه. وقد تكون هذه ثاني أكبر خسارة يتكبدها الحوثيون في الأسابيع الأخيرة.

وتداولت تقارير متضاربة أن الاستخبارات السعودية اعتقلت، في 9 سبتمبر، صالح المقالح، نائب مدير مكتب رشاد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني. وتشير المعلومات إلى أن السعوديين يحققون معه بتهم تتعلق بالتعاون مع الحوثيين.

وإذا صحّ خبر اعتقاله، خاصة مع اختفاء المقالح بالفعل عن الأنظار، فسيكون ثاني شخصية مرتبطة بمجلس القيادة الرئاسي وأحزابه المكوّنة تواجه اتهامات بمساعدة الحوثيين خلال الأشهر الماضية. ففي يونيو، أقرت الحكومة اليمنية بأن أمجد خالد، القائد السابق للواء النقل، والمقرّب منذ فترة طويلة من حزب الإصلاح، فرع جماعة الإخوان المسلمين في اليمن، قد ساعد كلًا من الحوثيين وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية في تنفيذ أعمال إرهابية ضد خصوم الإصلاح السياسيين.

يُذكر أن صالح المقالح وُلد باسم صالح الأهدل في محافظة إب، لكنه اتخذ لقب “المقالح” لإخفاء نسبه الهاشمي. وهو صهر رشاد العليمي وأحد أقرب المقرّبين منه منذ أن كان العليمي وزيرًا للداخلية بين عامي 2001 و2008 في عهد الرئيس الراحل علي عبدالله صالح.

‎استفاد صالح المقالح من علاقته الوثيقة برشاد العليمي ليتسلق مناصب حساسة عدة. ففي عام 2006، عيّنه العليمي، الذي كان يشغل منصب وزير الداخلية حينها، رئيسًا لقوات خفر السواحل في عدن. غير أن المقالح استغل المنصب لا لمكافحة التهريب، بل لتهريب الديزل المدعوم إلى القرن الأفريقي، ما جلب له أرباحًا طائلة. ولم تخلُ مغامرته من العثرات، إذ ضُبط متلبسًا في إحدى عمليات التهريب وأُودع سجن البحث الجنائي، قبل أن يتدخل العليمي شخصيًا لدى الرئيس صالح لإطلاق سراحه، مكتفيًا بفصله من منصبه.

‎غادر المقالح اليمن لاحقًا إلى الولايات المتحدة، لكن الرئيس عبد ربه منصور هادي عيّنه، بناءً على توصية العليمي، نائبًا لرئيس جهاز الأمن القومي بعد إطلاق عملية “عاصفة الحزم” عام 2015. وهناك راكم ثروات من ميزانية الجهاز، وظل يرفع تقاريره حصريًا إلى العليمي. وعندما أصبح الأخير رئيسًا لمجلس القيادة الرئاسي عام 2022، أسند إليه فعليًا إدارة مكتبه.

‎أنشأ المقالح حينها “مركز المعلومات ودعم القرار”، وهو جهاز أمني غامض تولى رئاسته فايـد أحمد العدني، ضابط موالٍ للعليمي من البيضاء، عاش طويلًا في صنعاء ويحمل الجنسية الأميركية. جرى تزويد المركز بكوادر من الموالين للعليمي، بينهم من ارتبط بعلاقات مع الحوثيين. وكان العدني بمثابة قناة الاتصال بين العليمي والحوثيين. ومع الوقت، نقل المقالح صلاحيات حيوية من جهازي الأمن القومي والسياسي ووزارتي الداخلية والدفاع إلى المركز الجديد، الذي اكتسب سلطة واسعة على الموانئ والمطارات والمنافذ البرية، وأنشأ غرفة عمليات خاصة، وأصبح يرفع تقاريره مباشرة إلى العليمي.

‎تفيد تسريبات يمنية ومصادر على صلة بالتحقيق بأن المقالح تلاعب بالمعلومات الاستخبارية لتوجيه قرارات مجلس القيادة وتغذية هواجس العليمي الأمنية. كما وظف موقعه لتعزيز نفوذه وإقصاء مدير مكتب الرئاسة يحيى الشعيبي. وتقول المصادر إنه استغل غياب الرقابة ليس فقط لإثراء نفسه، بل أيضًا لتسهيل تهريب الأسلحة عبر مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة نحو الحوثيين.

‎وقبل ما يُعتقد أنه اعتقاله، كانت السلطات السعودية قد ضغطت على العليمي لإقالته، خصوصًا بعد أن كشف نائب الرئيس فرج البحسني، محافظ حضرموت السابق، صورًا ومقاطع فيديو توثق تورط المقالح في قضية فساد وتهريب مرتبطة بمصفاة نفط في المكلا.

سواء كان صالح المقالح محتجزًا لدى السلطات السعودية أم اختفى لأسباب أخرى، فإن رشاد العليمي يترأس مجلس القيادة الرئاسي الذي أخفق بشكل ذريع بعد أكثر من ثلاث سنوات ونصف على إنشائه. فبدلًا من أن يوحّد اليمنيين في مواجهة الحوثيين، تحوّل المجلس إلى مظلة وفّرت لزعماء الفصائل غطاءً لاستغلال مناصبهم في إضعاف بعضهم البعض وجني المكاسب الشخصية. ومع هذه الفضيحة الأخيرة، لم يعد بوسع العليمي الادعاء بالجهل، فالمتهم بفتح الأبواب الخلفية للحوثيين هو صهره نفسه، الذي سبق أن أنقذه مرارًا من فضائح فساد سابقة. والسؤال المطروح اليوم: هل كان العليمي متواطئًا بالفعل، أم أنه مجرّد عاجز؟ لكن المؤشرات الظرفية توحي بأن العليمي—الذي يترأس الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا ويُفترض أنه شريك في التحالف المناهض للحوثيين—قد تعاون سرًا مع الحوثيين لتحقيق مكاسب مالية. وفي الحالتين، باتت الدعوات تتصاعد بأن عليه الاستقالة أو مواجهة المحاكمة.

ويبدو أن انهيار مجلس القيادة الرئاسي مسألة وقت فقط. فكما حدث مع اتفاق ستوكهولم وغيره من الاتفاقات والوثائق الدبلوماسية التي صاغتها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لليمن، لم يؤدِّ المجلس غرضه ولم يحقق وعوده. بل تحوّل إلى كيان وهمي، وفساده البنيوي يمنح الحوثيين قوة إضافية بدل أن يضعفهم.

وربما يكمن الخيار الأفضل لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، في تعيين رئيس صوري بروتوكولي، على أن يكون له نائبان: الأول يتولى إدارة شؤون جنوب اليمن، والثاني يشرف على إدارة مناطق شمال اليمن التي تم تحريرها من سيطرة الحوثيين. مثل هذا الترتيب من شأنه أن يحمّل كل نائب، ومعه تياره السياسي، مسؤولية مباشرة، ويضع حدًا لظاهرة الوزراء اليمنيين الذين يعيشون برفاهية في الخارج بدلًا من البقاء بين ناخبيهم ومجتمعاتهم.