كتابات وآراء


الثلاثاء - 01 يوليو 2025 - الساعة 09:40 ص

كُتب بواسطة : د. عيدروس نصر - ارشيف الكاتب


المقصود بالحل الأول هو وضع نهاية للمشكلات والمعضلات التي أخفق مجلس القيادة الرئاسي إخفاقاَ بيناً وكلياً في معالجتها والخروج بالبلاد التي يحكمها ويتحكم في رقاب أهلها من متاهة العذابات الممنهجة والعارضة التي تسبب بها هذا المجلس في حياتهم، وهذا ما يقر به جميع الفرقاء السياسيين وعلى رأسهم تلك القوى التي يمثلها أعضاء هذا المجلس.
أما الحل الثاني فالمقصود بها اتخاذ القرار الشجاع الذي يفترض أن يقضي بتفكيك وإنهاء هذا المجلس العالة على من يتحكم في مصائرهم ويسومهم سوء العذاب كما يفعل السجان الجلاد العتل مع مسجونيه الضحايا المظلومين.
لقد أكمل مجلس القيادة الرئاسي ثلاث سنوات وقرابة ثلاثة أشهر منذ اختطافه السلطة من الرئيس الشرعي المنتخب من قبل اليمنيين، الفريق عبدربه منصور هادي، أطال الله بعمره، وقد توقَّع الكثيرون ومنهم كاتب هذا السطور بأن بعض أعضاء المجلس يتمتعون بقدر من الشعور بالمسؤولية وأنهم سيعملون بكل ما أوتوا من قوة للبرهان بأنهم أكثر قدرة من سلفهم على الخروج بالبلد من دائرة الحرائق المتواصلة، ولو من باب إثبات تفوقهم على سلفهم وتبرير تهجم إعلامهم على فخامته، وهم الذين ظلت وسائل إعلامهم وكتابهم يكيلون له الشتائم والاتهامات بالفشل والعجز، والضعف في اللغة العربية، وقال أحد الكتاب المؤتمريين (من أصحاب مؤتمر الرياض) لأول مرة لدينا رئيس يتحدث العربية بفصاحة وبإتقان للقواعد النحوية والبلاغية، وكأن معاناة الشعب الذي يتحكم هؤلاء برقاب أبنائه سببها عدم إتقان رئيسه للغة العربية الفصحى أو كأن الرئيس الجديد سيقضي على الجوع والفقر وانهيار الاقتصاد وتدهور وغياب الخدمات وتفشي الأوبئة بجملة اسمية أو بفاعل مرفوع أو بجار ومجرور أو بقصيدة شعرية، وليس بالحكمة والضمير الحي والشعور بالمسؤولية وبالابتكار السياسي وصناعة المآثر، وكل هذا هو ما يفتقد له معظم القائمين على هذا المجلس البائس.
لكن رهان المراهنين وحماس المتحمسين خابا منذ الأسابيع الأولى عندما تضاعفت في عدن وبقية محافظات الجنوب ساعات انقطاع الكهرباء وتراجع مستوى الخدمات العامة وعلى رأسها الخدمات الطبية والتعليمية والبلدية وخدمات المياه، ومستوى توفير الوقود اللازمة لتحريك كل العمليات الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية والخدمية وتراجع مستوى توفير رواتب الموظفين والمتقاعدين وتضاعف انهيار قيمة العملة اليمنية مقابل العملات الأجنبية مما ضاعف من مستوى التضخم وجعل القدرة الشرائية للغالبية العظمى من المواطنين تصل إلى أسوأ مستوياتها منذ أن عرف الناس العملات الورقية والمعدنية، وباختصار حينما أثبت مجلس القيادة الرئاسي عجزه المفضوح عن القيام بما تقوم به أية سلطة ولو حديثة النشأة، أما بعد أكثر من ثلاث سنوات فلم يعد هذا المجلس يذكر إلا مقروناً باللعنات والتعويذات وعبارات السخط والتشاؤم وبالسخرية في أحسن الأحوال.
ومع الإقرار بالمواقف المتميزة لبعض أعضاء المجلس ممن ما تزال سجلاتهم خاليةً من ورطات ومساوئ السلطات المتعاقبة على هذا البلد البائس فإن المجلس بحالته العمومية الراهنة لم يعد يمثل إلا كابوساً لكل أبناء الجنوب، - وأنا أتحدث عن الجنوب لأنه الجمهورية التي يديرها مجلس القيادة الرئاسي هذا- ومن هنا يأتي الحديث عن حلِّ هذا المجلس، نظراً لأنه لم يضف إلى أزمات البلاد المتناسلة إلا مزيداً من الحالة الطفيلية بما يمثله من عبءِ منهك للموازنة العامة التي لم تعد تمتلك من الموارد ما يغطي الجزء اليسير مما تحتاجه نفقات الضرورة القصوى بعد أن ابتلع الفساد والفاسدون النصيب الأكبر من كعكتها.
ربما سنحتاج إلى وقفة قادمة ومطولة لتحليل أسباب وعوامل الفشل الذريع لمجلس القيادة الرئاسي في القيام بواجبات أي سلطة تدير بلدة أو مديرية أو حتى قرية، فما بالنا ببلد بها من السكان ما يفوق العشرة ملايين (منهم أكثر من أربعة ملايين من النازحين)، ومساحة مقدارها 375 ألف كم مربعاً، لكننا سنتعرض وبصورة سريعة الأسباب التي كنا قد حذرنا منها منذ الشهور الأولى لإعلان هذا المجلس وأهمها:
1. وجود أكثر من ثلاث أو أربع أجندات مختلفة وبعضها متناقضة لدى أعضاء هذا المجلس.
2. تجاهل عامل الأرض والسكان والموارد، عند إسناد مهمة الرئيس، ولست بحاجة إلى التفصيل في ما كنت قد تعرضت له مرات عديدة، وأقصد حقيقة أن الأرض والشعب والثروة والموارد بشكل عام والانتصار الذي تتكئ عليه شرعية هذا المجلس هي جنوبية، بينما يتسلم قيادة هذا المجلس رئيس لا يستطيع زيارة قريته لأنها تقع مع مديريته وأكثر من 90% من محافظته تحت هيمنة الجماعة الحوثية، وما ينطبق على الرئيس ينطبق على جميع زملائه أعضاء المجلس الشماليين.
وهناك عوامل وأسباب أخرى لا تقل أهمية عن ذينك السببين، سنتوقف عندها في مناسبة قادمة، لكن مهما يكن الأمر فإن هذا المجلس الذي تفوق في عجزه عن جميع المعاقين إعاقةً كاملة أمام خيارين: إما الوقوف بجدية ومسؤولية وصرامة وصدق ( ونعتقد أن هناك من أعضائه من لا يزال يتخلى بهذه الخصال) لمعالجة المعضلات التي تحول دون قيام المجلس بعمله ومنها إعادة النظر في توزيع المسؤوليات بين أعضائه، وإلا فحل المجلس وإحالة من يستحق من أعضائه الإحالة إلى التقاعد هي الحل الأمثل وتقديم بديل أكثر فاعلية وعملية ومسؤولية للخروج بالجنوب من المآزق المتشعبة التي وضعته فيها شرعيات العجز والفشل والخصومة التاريخية مع الجنوب والجنوبيين.
وللحديث بقية