كتابات وآراء


الخميس - 12 يونيو 2025 - الساعة 02:42 م

كُتب بواسطة : قاسم عبدالرب عفيف - ارشيف الكاتب


لم يتغير شبىء منذ الاطاحة بنظام الامامة فبدل من امام واحد ظهر عشرات الائمة تحت مسمى جمهوريين ودارت رحى حرب اهلية لثمان سنوات كان الاقليم حاضرا فيها وسالت الدماء لكن دون ان يصل احد إلى بناء دوله عصريه وظلت تركيبة الدوله بنفس الاطر الامامية إلا من تغيير طفيف لم يكن مؤثر ولا حاسماً.

تتالت الانقلابات العسكريه وازداد تثبيت النظام القبلي والديني رسوخا تحت يافطة الجمهوريه. ولم يسمح للقوى المدنية الصاعدة حتى بالتواجد واصبحت هامشية ليس لها اي تاثير يذكر وفي نهاية المطاف رسى التحالف بين القبيله وعسكرها تحت سقف الطائفة. وتحت راية الجمهوريه التي أفرغت من مضمونها الوطني.

ما لم يتغير مفهوم الدولة لدى النخب الشمالية الذي يعتبرون الدوله ملكية خاصه لمن يحكم وهو مستوحى من فكرة الدولة الدينية الطائفية الامامية هذا المفهوم اصبح سائدا لدى الجميع يتوارثونه جيل بعد جيل حتى من اتى بعدهم يتصرف وكأنها ملكيه خاصه ولا يضع في باله انه معرض للمساءله ولا يعترف انه موظف عام أجير لدى الشعب وهنا تكمن الكارثة التي لا زالت تعشعش في رؤوس النخب الشمالية وتصطدم بالمفهوم الجنوبي للدولة.

شاءت الأقدار ان تتوحد دولة الجنوب مع دولة الشمال فالأقدار لها حكمها الذي لا يستطيع احد ان يقف امامها كان التوحد في لحظة عاطفية حتى القدر لم يكن مستوعب ما حصل ومع ذلك سرعان ما انفجر الصراع أدى الى حرب طاحنه استمرت سبعون يوما كان الشمال قد اعد العدة مسبقاً من حشد كل ارهابيي العالم مع الجيش اليمني والقبائل وبعض الوحدات الجنوبية المعارضه وتحولت الوحدة إلى احتلال عسكري للجنوب وفرض نظام الجمهورية العربية اليمنية وانتهى المشروع النهضوي قبل ان يبدأ في بناء الدولة المدنية العصرية.

اول عمل قام به المنتصرون هو اجتثاث مؤسسات الدوله الجنوبية مدنيه وعسكريه. وتدميرها وطرد كوادرها إلى الشارع واحلال بدلا عنها النموذج الشمالي ولم يقتصر الأمر عند ذلك بل تم تبديل اسماء الشوارع والمدارس والأحياء لمحو اي اثر لحاجه اسمها كيان جنوبي او هوية جنوبيه واصبح المواطن الجنوبي صبيحة اليوم الثاني فاقد للهوية ولا يعرف في اي بلد يعيش وعدى ذلك تم نهب كل المؤسسات الصناعية والتجارية والمجمعات الاستهلاكية وشحنها إلى الشمال بما في ذلك اثاث المدارس وكليات الجامعة والمستشفيات والمجمعات الصحية ولا غرابة بان نظامهم يجيز ذلك ويعتبر كل هذا غنيمة حرب وكل ذلك باسم الوحدة والدفاع عنها وتخليصها من الانفصاليين والمرتدين عن الدين الاسلامي ولم يكن في قاموسهم الحفاظ على النظام والقانون واحترام حقوق الانسان وصون الملكية الخاصة والعامة وانما ساروا على نفس النهج القبلي الممزوج بالعنصرية الطائفية والدينية ويقود هذا النهج تحالف الموتمر والإصلاح وهذا اثبات عملي بان الدوله غائبه ولو كانت هناك دوله لما قامت الحرب ولما كان كل هذا الدمار الهائل للانسان الجنوبي ولمؤسسات الدوله الجنوبية
اذاً كانت الضحية الاولى هي مؤسسات الدوله الجنوبية بكوادرها ومنشآتها وكل البنية التحتية التي بنيت خلال عقود من الزمن وتم تدمير بيئة الحياة التي كان المواطن الجنوبي يرتكز عليها في عمله وفي توفير الرعاية الصحية والتعليمية نحت ظلال النظام والقانون الذي يعتبرها أسلوب حياة بالنسبة له.

في كل بلاد العالم النفط والغاز والثروات المعدنية الأخرى والبحر بكل ما فيه من ثروات والأرض تتحول إلى اداة للتنمية والازدهار والإعمار وفي اليمن وبحكم انها تعيش اللا دوله تتحول الى ملكيات خاصه للنخب يتحول ريعها الى حساباتهم في بنوك العالم وتزدهر استثماراتهم في كل مكان.

هل من المعقول بلد ينتج اكثر من 400 الف برميل يوميا يظل فقيرا معدما بينما ثروات البلاد تنعم بها عشر عائلات فقط واما الغاز فحدث ولا حرج فقد بيع برخص التراب حسب وصف وزير خارجية كوريا الجنوبيه في البرلمان الكوري وهذا اثبات آخر بان الدولة لا وجود لها بما في ذلك المؤسسات التشريعية الذي رئيسها احد اعمدة التحالف الجديد ( مؤتمر وإصلاح ).

اصبح الفساد سياسة معتمدة في نظام الحكم ما بعد اجتياح الجنوب وما تلاه ممن حكم حتى ان البعض منهم انشأ جمعيات باسماء الاولاد والاجداد لتمرير صرف المليارات من الخزينة العامة لإطعام الناس روتي وفاصوليا او مساعدات هزيله وإنشاء مجالس ادارة لها من اقطاب الفساد في الحكم والتجار لتمرير العبث بأموال الدوله ولوحظ التسابق على امتلاك حقول نفطيه واقتطاع اراضي من ممتلكات الدوله في المدن دون خجل او تأنيب ضمير وكذا التعيينات التي تتم لمرافق الدوله دون الاستيفاء للشروط القانونية ولا الكفاءة ولا الخبرة متجاوزين كادرات لديهم خبرات وكفاءة إداريه عبر السنين وهذا اثبات آخر بأن الدوله غائبه وتدار عبر النخب والتي تقتات على الأزمات وتسيد الفساد لتستمر في السيطرة على الدوله وتقوم بافتعال الحروب والأزمات بين حين وآخر حتى لا تستقر الأوضاع ويظل الشعب مهموم بقوت يومه ومتابعة متطلبات الحياة الشحيحة كما يحدث اليوم فالشعب في الجنوب والشمال يعيش تحت وطأة المعاناة الشديدة بينما النخب الحاكمة لا تبالي بما يعانيه ولا تبدي حتى الرغبه في معالجة ابسط حقوقه وكل سلطة امر واقع لديها اجنداتها السياسية التي لا تتطابق مع اجندات الشعب وتظل مسرحية مصارعة الثيران مستمره عبر رفع الأعلام الحمراء لكل منهم من مكان بعيد.

السواد الأعظم في الجنوب والشمال يصرخ من المعاناة والظلم وما تسمي نفسها نخب عايشه في عالم آخر لا علاقه له بالواقع ومعظمها تعيش في بلدان اخرى وهنا تكمن المشكلة بأن لا علاقه بين الحكام والمحكومين ومن الإجحاف اعتبارهم حكام على شعب مدمر ولا احد يلتفت اليه وهم يعتقدون انهم يحسنون صنعا لكنهم لا يفكرون بالشعب وانما بمن حولهم من المقربين والأصهار والموالين لهم.

يمكن المواطن الشمالي تعود على الظلم ومستكين ولا يريد التغيير ولم نسمعه يرفع شعار بناء دولة النظام والقانون ومحاربة الفساد الذي اكل الاخضر واليابس وهذا حقه لكن المواطن الجنوبي يرفض العيش وسط الفوضى حتى ولو ان بعض النخب الجنوبية استمرأت السير في هذا الطريق وتحاول جاهدة البقاء في ظل الوحدة لجلب المكاسب الشخصية فهي لا تمثل إلا نفسها لكن السواد الأعظم من الجنوبيين يريدون استعادة دولتهم التي يخضع فيها الجميع الكبير قبل الصغير للنظام والقانون كما يطالب الجنوبيون بإلغاء كل القرارات التي تم اتخاذها بعد احتلال الجنوب عام 94م وتتعارض مع القانون والنظام واستعادة كل المنهوبات من ممتلكات الدولة الجنوبية والممتلكات الخاصة وكذا استعادة ما تم نهبه من نفط وغاز خلال الفترة الماضية واسترجاعه لخزينة الدولة الجنوبية واعادة الحقوق لاصحابها وكذا التعويض الكامل لمن اتخذ ضدهم القرارات التعسفية من الكادر الجنوبي المدني والعسكري للفترة الماضية.

من يريد ان يساعد من الاقليم والعالم في حل القضية عليه اولا معرفة حجم الظلم والمعاناة الذي تعرض له الجنوب ولا زال حتى اليوم وبالتالي لا يمكن قبول فرض وحدة بالقوة او الموت فنحن في الحنوب شعب حر لا يقبل الظلم ولا يقبل ان يفرض عليه شبىء يتعارض مع حقه في العيش في ظل دولة النظام والقانون ولا يمكن القبول بحرف نضال شعب الجنوب تحت اي مسميات او شعارا ت قوميه او عالميه او مذهبيه او اي ادعاءات بالحكم الإلهي لأن ذلك لا يوفر العيش الكريم والامن والاستقرار ولا يلبي حقوق المواطنه الغير قابله للانتقاص.