الجمعة - 17 أكتوبر 2025 - الساعة 10:55 م
في فجرٍ جنوبيٍ متوهجٍ بالعز والفخر، انطلقت قافلة من الماجدات الجنوبيات من عدن نحو الضالع، تحمل في قلوبها لهفة الوطن، وذاكرة الثورة، وإرث الأبطال الذين خطّوا بأرواحهم فجر الحرية في 14 أكتوبر المجيدة.
كان الحماس وقود الرحلة، والغاية المشاركة في احتفالات العيد الـ62 للثورة الخالدة، حيث أعلن حضور الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي – نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، فاشتعلت القلوب شوقاً واعتزازاً.
منذ اللحظة الأولى، كانت الرحلة أكثر من مجرد انتقالٍ مكاني؛ كانت عودةً إلى الذاكرة الوطنية، إلى زمن الرجال الأشداء والنساء الصامدات، إلى ثورةٍ علّمت أبناء الجنوب معنى الحرية والكرامة. كثيرات من المشاركات هنّ حفيدات ثوارٍ ومقاتلين، تربّين على قصص البطولة التي سطّرها المناضلون الأوائل، وتشرّبن من آبائهن دروس الزهد، والنزاهة، والإيثار، والإخلاص للوطن.
في الضالع – مهد الثورة ومفخرة الجنوب – كان المشهد أسطورياً.
احتشدت الجماهير من كل محافظات الجنوب، لوّحوا بالأعلام، وردّدوا الهتافات، في عرسٍ وطنيٍ مهيبٍ تحدّى كل الصعاب والرهانات. امتزجت الأصوات، فكانت هديراً جنوبياً واحداً يهتف باسم الثورة والوطن والحرية.
وحين اعتلى المنصة الرئيس عيدروس الزبيدي، دوّى المكان بالحماس، وتوهّجت العيون بالثقة. كانت كلماته كنبض الثورة من جديد، تبعث الأمل وتؤكد أن الجنوب ماضٍ نحو استعادة دولته، مهما كانت التضحيات.
لم تنتهِ الملحمة في الضالع.
مع غروب شمس الثالث عشر من أكتوبر، قرّرت الحرائر الماجدات أن يكملن الطريق شرقاً... نحو حضرموت، إلى مدينة شبام التاريخية، حيث تواصلت الاحتفالات بالثورة.
رحلة طويلة امتدت من عدن إلى الضالع، ثم عودة إلى عدن، فشبام وسيئون، بلا نومٍ ولا تعبٍ، بل بعزيمةٍ فولاذيةٍ تستمد قوتها من إيمانٍ وطنيٍ لا يلين.
في حضرموت، كان الاستقبال يليق بعظيمات الجنوب.
احتضنتهن نساء حضرموت ورجالها الأبطال بفرحٍ وفخر، وامتزجت القلوب في مشهدٍ جسّد وحدة الجنوب وهويته الجامعة. تعرفن على تراث شبام العريق، وقصر السلطان في سيئون، وعلى عبق التاريخ الذي يمتزج فيه الإباء بالحضارة.
كان التكريم والاهتمام الذي حظين به من قيادة المجلس الانتقالي في وادي حضرموت ودائرة المرأة وأبناء حضرموت دليلاً على أن الجنوب، رغم اتساع جغرافيته، قلبٌ واحد وروحٌ واحدة.
وعند العودة، لم تكن الذاكرة تحمل فقط مشاهد الطريق، بل دروساً في الصبر والانتماء، ورسائل إلى كل من يظن أن المرأة الجنوبية تضعف أمام الصعاب.
لقد أثبتت الماجدات أن الانتماء للوطن لا يُقاس بالراحة أو البُعد، بل بالقدرة على التضحية، وبالولاء الذي لا تهزه المسافات.
ولولا الدعم والرعاية اللصيقة من قيادات في المجلس الانتقالي الجنوبي، لما اكتملت هذه الرحلة التي تحولت إلى لوحةٍ وطنيةٍ خالدة، رسمت فيها نساء الجنوب ملامح الوفاء والثبات.
إنه سفر الماجدات الجنوبيات...
رحلة في الجغرافيا، وملحمة في التاريخ، وعنوان جديد من عناوين الإباء الجنوبي الذي لا يعرف المستحيل.