الخميس - 01 نوفمبر 2018 - الساعة 05:12 م
للتعريف.. الدَّين العام هو تراكمات لعجوزات لسنوات سابقة في المالية العامة ثم تغطيتها بالاستدانة (الاقتراض). والدين العام يمكن أن يكون بالعملة الوطنية و/أو العملة الصعبة.
وافق دولة رئيس الوزراء على طلب وزارة المالية بإصدار سندات مالية (أذون الخزانة)- دين عام بقيمة 100 مليار ريال يمني لتمويل عجوزات المالية العامة من مصادر "غير تضخمية".
هذه بداية غير موفقة، وقرار غير محسوب العواقب في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد. بل إن الخطوة ستقضي على أي جهود لإعادة تدريجية للنشاط الاقتصادي بشكل عام. كما إنها ستجهض محاولات إخراج القطاع المالي (المصرفي) من وضعه المشلول وإعادة دوره الحيوي والمهم في شريان الاقتصاد الوطني.
كلنا مدركين لما يعانيه الاقتصاد الوطني من انكماش غير مسبوق، بحسب صندوق النقد الدولي، تمثل بانهيار مخيف في سعر صرف الريال وتضخم متوحش وغلاء الأسعار وبطالة عالية، وتوقف كافة أنشطة الإستثمار... إلخ. كل هذه المسببات وغيرها أدت إلى تدهور الحالة الحياتية والمعيشية للشعب ودفع نحو 50-60 من إجمالي السكان إلى حافة "الفقر".
قطاعنا المصرفي يعاني من عدة مشاكل مزمنة وجذرية، منها: تقزم حجمه (مقارنة بحجم الاقتصاد - GDP)، ضعف وهشاشة رأس ماله، صغر حجم قاعدة ودائعه، وضعف مستوى جودة أصوله... إلخ. كل هذا انعكس سلبا وبعمق على مؤشر "سيولة" القطاع مما حدّ من أنشطته (تمويل انتمائي) وفشله في الوفاء بالتزاماته، وبالتالي أفقده ثقة عملائه/مودعيه. تعتبر "السيولة" في البنوك بمثابة "الدم" في شريان جسم الإنسان.
ولعل المسبب الرئيس لحالة "جفاف" السيولة في القطاع هو "الحكومة" وذلك بطرحها "الزنن" لأدوات الدين (الأذون) لتمويل عجوزات المالية العامة.
أما القول من مصادر "غير تضخمية" فهو "ضحك على الذقون". نسبة أسعار الفائدة السائدة، وهي أداة في السياسة النقدية، على الريال تقارب 30 في المئة (وستدفع لحاملي الأذون)، إذاً ما هي هذه "المصادر"؟
إن حجم الدين العام اليمني القائم (المحلي - بالريال والسيادي - بالعملة الصعبة) قد بلغ مستويات مقلقة تجاوزت نسبة الـ 120 % من الناتج المحلي الإجمالي (GDP).
خدمة هذا الدين - خاصة الريال (دفع أقساط مستحقة مع فوائدها) بنسبة فائدة عالية (كما هي الآن) سيبتلع بشراهة قاتلة أغلب إيرادات الدولة المستقبلية، مخلفا الفتات العقيم الذي لن يكون كافيا حتى بالوفاء بباقي التزامات الدولة المالية، الجارية، والتشغيلية، والرأسمالية، والاستثمارية وأخرى.
عوضا عن طلب الاستدانة، كان الأجدر بوزارة المالية تقديم مسودة مشروع "ضبط الإنفاق العام" كخطوة أولى في مسار تصحيح السياسة المالية للدولة.
إن حالة كهذه تحتم علينا رفع العلم "الأحمر". بمعنى أدق فإن المليارات من الريالات والتي تم طبعها بداية العام لم تدخل في القنوات المالية الوهمية المقررة لها كما ادعت "اللجنة الاقتصادية".
وعليه، نطلب من فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي التدخل ووقف مثل هذه السياسات والإجراءات المدمرة لما تبقى من الاقتصاد الوطني لأنها ستنعكس إلى مزيد من المعاناة والعذاب الآني، ما لم فإنها ستكبر وتتوسع وتقضي على أي آمال في تحسن ونمو وتطور مستقبل أولادنا وأحفادنا... آجلا