تحقيقات وحوارات

الأحد - 25 أبريل 2021 - الساعة 10:05 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن برس / العرب


لا يزال الغموض يلف مصير الشابة اليمنية انتصار الحمادي وهي رهن الاعتقال في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

والحمادي شابة كانت تحلم بأن تصبح عارضة أزياء، لكنّها وجدت نفسها محتجزة في سجن في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في بلد تعاني فيه المرأة من صعوبات جمة فاقمتها الحرب.

وقامت الحمادي (19 عاما) المولودة لأم إثيوبية، بوجهها ذي العيون الخضراء الثاقبة، بجلسات تصوير لصالح العديد من المصممين المحليين ثم نشرت صورا منها على الإنترنت.

وارتدت في هذه الجلسات ملابس يمنية تقليدية أو سترات جلدية، وبعض هذه الصور من دون غطاء على رأسها، وقد نشرت على حساباتها على فيسبوك وإنستغرام التي يتابعها بضعة آلاف من الأشخاص.

وفي 20 فبراير، اعتقلت الحمادي بينما كانت في طريقها مع زميلتين لها وصديق إلى جلسة تصوير.

ويقول محاميها خالد الكمال إن التوقيف حصل “من دون مذكرة”، و”من دون توجيه أي تهم إليها”.

ويضيف “إلى الآن، أنا كمحاميها لا أعرف ما هي التهم”، لكنه أشار إلى “محاولات للتشهير بها”، بما في ذلك شائعات حول تورطها في الدعارة والمخدرات.

ويتابع المحامي “سلطة الأمر الواقع تكره الفن وتكره الفنانين”.

ولم يعلّق المتمردون الحوثيون على القضية.

ويتولّى الحوثيون المحافظون والمدعومون عسكريا وماديا من إيران، السلطة في صنعاء منذ 2014 حين انطلقوا جنوبا من مواقعهم في شمال البلد الفقير للسيطرة على مناطق شاسعة في البلاد.

ويفرض المتمردون المنتمون إلى المذهب الزيدي القريب فقهيا من السنة والذي يعتبر من متفرعات الشيعة، في مناطق سيطرتهم قوانين اجتماعية صارمة تحدّ من الحريات والترفيه.

وبحسب المحامي، فُتح التحقيق في القضية في الـ21 من أبريل، وأجابت الشابة على أسئلة تتعلق بـ”الدعارة والفجور”.

وقال إنّ النيابة “تحاول وصف القضية بفعل فاضح”، بحجة أنها أبرزت “خصلتين من شعرها أو أنّها لم تضع الحجاب” في أماكن عامة.

وتابع “يحاولون لصق أي تهمة بها بسبب عملها الذي يعارضه الحوثيون: من أين لك الجرأة على أن تكوني عارضة أزياء في بلد مسلم”.

ورغم أنّ المجتمع اليمني محافظ جدا، إلا أنّه معروف بحبه للفنون والموسيقى وكانت توجد فيه قبل الحرب مساحة معينة من الحريات الشخصية.

لكن مع تصاعد نفوذ الحوثيين، باتوا يطبقون قوانين صارمة تؤثّر على النساء وحريتهن بشكل خاص ولافت.

ويشارك الكمال في حملة لتعبئة وسائل الإعلام والمجتمع المدني من أجل تسليط الضوء على هذه القضية. على مواقع التواصل الاجتماعي، يتم التداول بوسم “الحرية لانتصار” باللغتين العربية والإنجليزية، في إطار هذه الحملة.

ويقول “إنها فتاة طموحة”، مضيفا “والدتها تبكي باستمرار، أخوها الصغير يعاني من إعاقة. كانت المعيل الوحيد في الأسرة. إنه موقف يحزن القلب”.

ويقول رئيس منظمة “سام” للحقوق والحريات في اليمن توفيق الحميدي “وفقا لرؤية الحوثيين، فإن القضية أخلاقية”.

ويتابع الناشط اليمني في مجال حقوق الإنسان المقيم في فيينا “إن عمل انتصار والمجال الذي تنخرط فيه، أي عرض الأزياء، ميدان جديد على اليمن. إنه شيء لا يمكن للحركة (الحوثيون) قبوله”.

ووفقا للحميدي، فإن “وضع المرأة بشكل عام في اليمن كارثي إذا جاز التعبير، وجميع الأطراف تساهم بذلك بصورة أو بأخرى”، مضيفا أن الوضع أسوأ في ظل الحوثيين الذين “يستلهمون” أساليب حكمهم “من إيران”.

ومنذ 2014، خلّف النزاع في اليمن عشرات الآلاف من القتلى ودفع نحو 80 في المئة من السكّان للاعتماد على الإغاثة الإنسانية وسط أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقا للأمم المتحدة. وتسبّب كذلك بنزوح نحو 3.3 مليون شخص.

وازدادت منذ اندلاع النزاع في أفقر دول شبه الجزيرة العربية حالات الزواج المبكر بين العائلات اليمنية الباحثة عن لقمة عيشها وسط الانهيار، وارتفعت معدلات العنف ضد النساء مع الانزلاق نحو أكبر أزمة إنسانية في العالم.

وقال صندوق الأمم المتحدة للسكان في تقرير نشر في العام 2020 إن “معدل العنف ضد النساء في اليمن مرتفع للغاية”، ويُقدّر وجود 2.6 مليون فتاة وسيدة يتعرضن للعنف.

ويقول الحميدي إن الاعتقالات والتعذيب والاختفاء القسري والعنف الجنسي منتشرة بشكل خاص في صنعاء، لكن الحوثيين “استهدفوا النساء أيضا من حيث الحقوق الاقتصادية وحرية التنقل والإقصاء من الوظائف العامة”.