كتابات وآراء


الخميس - 06 فبراير 2020 - الساعة 11:56 ص

كُتب بواسطة : محمد نجيب - ارشيف الكاتب


> في 22 فبراير 2018م كتبنا مقالة (الأيام الغراء العدد 6161) تحت عنوان "وديعة...ومباركة دبلوماسية".
> وكان توقيت المقالة متزامنا مع تعيين محافظ جديد (محمد بن زمام) خلفا للمحافظ المقال والذي سبقه (عبدالعزيز القعيطي).
> ومن خلال مقالتي تمنيت اولا للمحافظ الجديد،آنذاك، كل النجاح والتوفيق ووضعت بين يديه ونائبه خلاصة توصياتي المتواضعة والصادقة من خطوات وأفعال (منفردة أو مجتمعة) على البنك المركزي اليمني وقيادته أخذها بعين الاعتبار وضمها ضمن "وصفة " علاج وإصلاح" أوضاع القطاع المصرفي اليمني ( إذا كانت هناك واحدة في الأساس ) الميت "اكلكينيا" وإخراجه من "العناية المكثفة" والبدء ببرنامج تدريجي وفعال يعيد له الحد الأدنى من أنشطته وصولا إلى إستعادة دوره وإحكام قبضة البنك المركزي اليمني في ادارة الأمور المالية السيادية عامة والقطاع المصرفي اليمني خاصة، والتي يتحكم بها وأخذ بزمامها، وبدون أدنى شك، "الإقتصاد الخفي" وآلياته المختلفة في قطاعات الإقتصاد عامة وقطاع المال خاصة.
> وبعد مرور نحو عامان على نشر مقالتتنا ، وما حصل ويجري حاليا في لبنان من أحداث ومجريات في قطاعها المصرفي نجد انماط التشابه المشترك مع القطاع المصرفي اليمني ، ولا اقول قواسم مشتركة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، تتضمن شح سيولة البنوك، رسملة بنوك ضعيفة، نسبة فائدة عالية، ترشيد سحوبات العملاء، كارتيل ضخم ومؤثر من صرافيين العملة.... إلخ. هذا برغم الفارق الكبير في حجم القطاع اللبناني مقارنة باليمني، بين عملاق وقزم ، وفي الثالث من فبراير 2020م اصدرت الحكومة اللبنانية المعينة حديثا بيان (عبر وكالة رويترو) تضمن نيتها القيام ب"إجراءات" وصفت ب"مؤلمة" لإنقاذ قطاعها المصرفي. وحدد البيان الحكومي المناطق التي سيتم "التركيز" عليها في إجراءاتها والعمل عليها وهي تحتوي على تشابه مع جوهر التوصيات والمقترحات" والتي تم ذكرها في مقالنا. حينها، اوصينا بكل تواضع من خلالها قيادة البنك المركزي اليمني، آنذاك، أخذها "بعين الاعتبار" لعلها تسهم بقدر قليل في جهود ومساعي تقويم وإصلاح حال القطاع المصرفي اليمني، الأصغر حجما على مستوى العالم العربي.
> ولكن الجميع يعلم ما آلت إليه بعدها من أفعال ومصائر المحافظ (القعيطي) والمحافظ الذي تلاه (زمام) والمحافظ الذي اعقبه (معياد). وقد دامت الفترة الزمنية مجتمعة لقيادتهم للبنك المركزي لنحو عامين فقط لم يطرأ خلالها أي تحسن و/أو حتى استقرار في حال القطاع المصرفي اليمني، بل تدهور من سيئ إلى أسوأ وفي فقدان الثقة الجماهيرية بالبنوك الوطنية التي أصابها بالشلل أفقدها الحركة لتطبيع أحوالها العملية المشوه ومواقفها المالية المتداعية. وبنفس القدر من الإخفاق (وربما اكبر) فشلت قيادة البنك المركزي اليمني (رغم تعاقب ال 3 محافظين) في إحتواء و/أو فرملة انزلاق وسقوط سعر صرف الريال مقابل الدولار كانت نتيجته تضخم وارتفاع في الأسعار انهكت معيشة وحياة المواطن العادي. اما موضوع تفعيل "آلية الوديعة السعودية" تحت إشراف قيادات البنك المركزي اليمني فهي ك"ذر الغبار على العيون" لفشل هؤلاء المتسلسل والغير مبرر; ولكن، وبعد كل هذه السنوات والمدد من التحالف وتحديدا من المملكة العربية السعودية (حماها الله من كل سوء وشر ومدبر)، لم تنخفض الأسعار ولم يتحسن سعر صرف الريال مقابل الدولار الأمريكي (حاليا 650 ريال/$).
< ومن اجل العلم والمقارنة، فإن حاكم (محافظ) بنك لبنان، رياض سلامه هو في منصبه منذ نحو 23 عاما وإن كانت هناك بعض التساؤلات التي ظهرت عقب الأحداث الأخيرة على الساحة المالية اللبنانية، عن أدائه في بعض نواحي وجوانب تنفيذ وتطبيق وظائف ومهام بنك لبنان المركزي (BDL)- تحديدا إدارة الدين العام البناني. ولكن هذا الحاكم (المحافظ)، وعندما انفجرت فقاعه الرفض الجماهيري ضد مكينة الحكم اللبنانية ورموز ونخبة الحكم اللبناني وما ولدته تلقائيا من أزمة في القطاع المصرفي اللبناني هي الأخطر اقتصاديا والغير مسبوقة في تاريخ لبنان، بقى السيد سلامه واقفا في مكانه وكان في المقدمة وفي مواجهة الأحداث وكأنه يقول انا اتحمل المسؤولية. لم يعتكف او يختفي او يحزم حقائبه ويرحل.
> أملنا كبير في رجل المال المخضرم معالي المحافظ أحمد عبيد الفضلي في إحداث نقلة نوعية في وظائف ومهام البنك المركزي اليمني تنعكس إيجابا في مجمل شؤون المالية العامة وإعطاء القطاع المصرفي اليمني العناية والاهتمام تكفل له أداء دوره المفصلي في الإقتصاد الوطني. بدون قطاع البنوك لن يكون هناك إدخار أو الإستثمار ولن تتطور الثقافة الجماهيرية/ المجتمعية المالية الضرورية في تحريك مبادرات لإيجاد منتجات وخدمات مالية/بنكية عديدة ومتنوعة.
> ختاما، نجده لزاما علينا إعادة نشر المقالة لعلنا نصيب هذه المرة...

> فهل من مذكر؟

محمد نجيب

"وديعة. ...ومباركة دبلوماسية"...


تعين محافظ جديد للبنك المركزي اليمني كان متوقعاً بسبب الفشل الذريع والمخزي لكل من المحافظ السابق ونائبه ومجلس إدارته في تفعيل دور المركزي بعد نقله إلى عدن، وكذا تحديداً اخفاقهم في كبح جماح هبوط سعر صرف الريال الذي وصل إلى مستويات متدنية ومرعبة لم يبلغها من قبل مقابل الدولار الأمريكي. ذلك ومن تاريخ تولي المحافظ المقال منذ نحو عامين لم يتقدم وفريقه بأي خطة بأعمال المركزي بما فيها إجراءات لإبطاء وتيرة هبوط الريال ومحاولة إيجاد والحفاظ على سعر صرف "ضمن" حدود آمنة ومقبولة ومنطقية. والواضح ، ضمنا، إن الحكومة سوقت قرار التعيين على إنه البداية لمعالجة سعر صرف الريال؛ وكأن المركزي كمؤسسة سيادية له دور اقتصادي كبير ليس لديه إلا العمل على "سعر الصرف!". البنوك المركزية، يا حكومة، في جميع دول العالم لها مسؤوليات ومهام ووظائف (5-7) عظيمة وجسيمة. هذه الخاصية للبنك المركزي وأسباب تدهور سعر صرف العملة وطرق الاحتواء/المعالجة يحتاج إلى مناقشات ومقالات سنحاول طرحها مستقبلاً بإذن الله. الواقع يخبرنا بأن المحافظ الجديد ونائبه ومجلس ادارته تنتظرهم مهام وواجبات مصيرية تتمثل بصورة رئيسية في الآتي:
1- تثبيت وتأكيد دور "المركزي" كبنك الدولة.
2- بسط قوانينه وسياسته وصلاحياته على فروعه "المتمردة".
3- القيام بدوره كبنك البنوك على البنوك العاملة (نحو 16 بنكا) والتي لم تعترف/تلتزم بذلك إلى حينه.
4- دراسة إرساء برامج إنقاذ سريعة وفورية لإعادة الروح وبعث الثقة في القطاع المصرفي "الميت سريرا" " والمشلول" في أحسن الأحوال لما هذا القطاع من أهمية في الاقتصاد الوطني.
5- وضع خطط عمل/حلول لمارد الدين المحلي العام (بالريال) والمتسبب الأول في إختفاء/ جفاف السيولة في الاقتصاد عامة والقطاع المصرفي خاصةً.
6- استقراء/التواصل مع الدائنين لغول الدين السيادي (بالعملة الصعبة)،"شطب كلي/جزئي، إلغاء/تخفيض الفائدة الخ".
7- دراسات وأبحاث حول تقوية وتقويم وتعزيز البنية الأساسية للقطاع المالي (التخصيص، الاندماجات، شطب الأصول السامة .....الخ).
8- زيارة قانون البنوك لتسهيل دخول بنوك خارجية (بالذات بنوك دول التحالف)
9- رفع وزيادة ضوابط ومتطلبات فتح / تراخيص مؤسسات الصيرفة (رأس المال، قوائم مالية، تقنية....).
10- تقييم أدوات السياسات المالية والنقدية (أذون خزانة ، أسعار الفائدة، السيولة النقدية، نسب الاحتياطي الخ) وتأثيراتها الاقتصادية (انكماش / تدهور اقتصادي، تضخم).

بدون وضع المصلحة العامة للوطن فوق كل اعتبار وتوجه فلن نبلغ الحد الأدنى من النجاحات حتى بوجود الوديعة والمباركة الدبلوماسية...الغير مسبوقة.