كتابات وآراء


السبت - 26 أكتوبر 2019 - الساعة 11:34 م

كُتب بواسطة : د. عيدروس نصر - ارشيف الكاتب


تلقيت منذ صباح الأمس (الجمعة 25 أوكتوبر) وابلاً من الأسئلة والانتقادات ورسائل الابتهاج وشكاوي التشاؤم عبر خدمتي ووتسأب وماسينجر في ضوء ما تم تسريبه من أوراق معظمها بعيدة عن أي مضمون حقيقي لما أطلق عليه "اتفاق جدة"، ومعظم أصحاب هذه الرسائل يعلنون تشاؤمهم وغضبهم مما تضمنته تلك التسريبات.

وقال بعضهم أن المجلس الانتقالي تخلى عن القضية الجنوبية مقابل حقيبتين وزاريتين أو محافظ محافظة. 

لن أناقش مضمون اتفاق لم يعلن بعد وما تزال تفاصيله غير مباحة للنشر، لكنني سأتوقف عند ما تم نشره من تسريبات مع يقيني أنها لا تقدم الكثير من مضامين مشروع الاتفاق حيث إن أفضل التسريبات انتقى أصحابها ما يروق لهم من مشروع النص (المفترض) وتعمد تجاهل ما لا يروق له، وهنا أشير إلى الحقائق التالية:

1. ما اصطلح على تسميته "حوار جدة" لم يأتِ لمعالجة القضية الجنوبية وإنما جاء لمعالجة الأزمة التي تسبب بها بعض المراهقين المسنين المحسوبين على الشرعية الذين فجروا ازمة لم يكن هناك مبرر لتفجيرها.

2. لم يذهب المجلس الانتقالي للحوار ليطالب بمناصب والقاب ونصيب من الحكومة التي صار الاقتراب منها تهمة، وإنما ذهب استجابة لدعوة الأشقاء في دول التحالف العربي للتهدئة ووقف التصعيد مع أجهزة الإعلام والقوات المحسوبة على الشرعية، وحشد كل القوى الرافضة للمشروع الإيراني في اليمن باتجاه هزيمة هذا المشروع ووكلائه، واغتنم المجلس الاننتقالي الفرصة ليقدم من الحجج والبراهين ما يثبت موقع القضية الجنوبية في الأزمة اليمنية، وما يؤكد مشروعيتها ويضع اللبنات الأولى باتجاه حلها بما يلبي تطلعات الشعب الجنوبي، وهي القضية التي ظلت محل إهمال وتجاهل من جميع الفاعلين الإقليميين والدوليين، وقد نجح مفاوضو المجلس الانتقالي في هذه المهمة بامتياز.

3. تقول بعض التسريبات أن الحكومة القادمة ستكون حكومة تكنوقراط، أي حكومة كفاءات َليست محاصصة بين اي قوى سياسية فكيف يكون للمجلس نصيب في حكومة كفاءات غير تابعة لأي طرف سياسي؟ وهو ما يدحض فرية أن المجلس يبحث عن نصيب في السلطة، وإلا لكان اكتفى بما كان لدى قوى الثورة الجنوبية من محافظين ووزراء قبل تأسيس المجلس.

4. تتضمن كل التسريبات تشكيل لجنة ثلاثية من الحكومة الشرعية والتحالف العربي والمجلس الانتقالي، للإشراف على اداء الحكومة ولمراقبة تنفيذ مضامين الاتفاق وهو ما يعني أن المجلس من حقه أن يرفض او يعترض على اي اسم او إجراء لا يراه يستقيم مع منطق التطورات على الساحة الجنوبية.

5. أصبحت القضية الجنوبية على جدول أعمال المجتمع الإقليمي والدولي وسيكون الجنوب طرفا في أية مشاورات او مباحثات قادمة كطرف مستقل بعد أن ظل الآخرون هم من يختار للجنوب ممثليه وفقاً للمقاييس التي تروق لهم.

6. يكفي أن يعلم الجميع أن قضية محاربة الفساد وفحص جميع الملفات وتعرية الفاسدين وتقديمهم للمحاسبة، قد صارت اليوم على طاولة اللجنة الثلاثية بعد أن استظل عدد من الفاسدين بمظلة الشرعية ولم يدعوا موردا إلا وسخروه لعبثهم واستثمروه لمصالحهم الفردية، . . . والحزبية في أحسن الأحوال.

إنني أتوجه إلى جميع الزملاء والأصدقاء من الإخوة والأبناء الذين يتلقون معلوماتهم من رسائل المروجين والملفقين إن يكفوا عن التعاطي مع هذه المصادر، وأن يقرأوا ما وراء كل سطر وكل جملة وكل كلمة تصدر من طرف غير موثوق أو حتى موثوق.

أخيرا سنتقيد بآداب التخاطب مع شركاء الاتفاق ونترك الغواة لغيهم والسفهاء لسفههم والمتمنين لتمنياتهم، لكننا نثق أن قضيتنا العادلة قد احتلت مكانتها اللائقة في جدول أعمال الشركاء الإقليميين والدوليين، أما الذين كانوا يتوقعون أن يأتي لهم وفد المجلس الانتقالي إلى "حوار جدة" بدولة جنوبية جاهزة، فأرجوهم التأني والتعلم أن لكل شيءٍ أوان لا يمكن استقدامه أو استئخاره، وان ثقافة حرق المراحل تحرق في طريقها البذور والزرع والثمار معا، وأن لكل ثمرة موعداً للحصاد فلا تستعجلوه.