كتابات وآراء


الإثنين - 02 أغسطس 2021 - الساعة 12:26 ص

كُتب بواسطة : محمد نجيب - ارشيف الكاتب


-كنا قد كتبنا في أكثر من مناسبة عن الدين العام اليمني (المفرط) الدين الحكومي ; تعريفه, مسبباته /اغراضه, تطبيقاته, حجمه , ثاتيراته السلبية على الاقتصاد الوطني عامة والقطاع المصرفي اليمني خاصة... وكونه قنبلة زمنية قد تؤدي فعليا إلى إنهيار إقتصادي ومالي محتوم غير قابل للاصلاح و/أو الاستدامة.

-الدين العام من الناحية الاقتصادية يذهب بالدرجة الأولى لسد عجوزات المالية العامة في برنامج الموازنة لتمويل مشاريع استثمارية ورأس مالية تمهد/ تؤسس/توسع المجالات والقطاعات الاقتصادية , جديدة وقائمة, بحيث تدفع عموما للنمو الاقتصادي تنعكس إيجابيا على مستوى معيشة ودخل المواطن. والتي ايضا ومن خلاله تزداد وتكبر قنوات الدولة الايرادية تمكنها من دفع / الوفاء بالتزاماتها التنموية والاقتصادية والمالية بما فيه استحقاقات ذات الدين العام.

-وينقسم الدين الحكومي اليمني إلى نوعين : الاول ويطلق عليه الدين العام الخارجي ويكون بغير العملة الوطنية, اي عملات صعبة بحجم يقارب 7 -8 مليار دولار أمريكي (بدون الودائع والهبات منذ 5102م).

-اما الثاني , وهو جل موضوعنا, فيسمى الدين العام الداخلي ويكون بالريال اليمني ويقدر القائم حاليا بنحو 7 تريليون ريال يمني , أي نحو 7 مليارات دولار أمريكي بسعر صرف 0111 ريال = 0$

-وتم تمويل ما يقارب ال71 % من هذا الدين العام المحلي , ما يقارب 2 تريليون ريال , من قبل القطاع المصرفي (تعتبر جزء من الأصول) والتي اتت من خلال ودائع ومدخرات عمال / مودعين هذا القطاع.

- وما دام الحديث عن مصطلح "الدين" فلابد من اللازم وارتباط مصطلح "الفائدة" وهي التكلفة/ السعر الذي يتوجب دفعه "للمقرض" مقابل إقتراض الدولة لسلعة المال (النقود).

-ولكن يبدو أن اصحاب الحل والقرار الاقتصادي والمالي في الدولة جميعهم منشغلون بموضوع "سعر صرف الريال اليمني مقابل الدولار الامريكي" ; وإن كان هذا بالفعل مهم ومصيري في ضوء استمرار وتيرة وزخمالانزلاق, الا ان هؤلاء المشرعين يبقوا غير مدركين لخطورة تداعيات ونتائج الدين العام اليمني على الوضع الاقتصادي عامة ومستوى معيشة المواطن خاصة (حاضرا ومستقبلا) بناء على حجمه الراهن والتي اقتربت قليل من 011 % كنسبة للناتج المحلي الاجمالي (GDP - حجم الاقتصاد). وكونه بهذا المقدار
المفزع, فيعتبر لا محالة "أحد" المسببات الرئيسة وراء تدهور سعر الصرف/القوة الشرائية للعملة الوطنية والضغط في هذا الاتجاه.

-ومن ناحية اخرى, تعتبر الفائدة (سعر الدين) إحدى آليات السياسات المالية والنقدية التقليدية للسلطات المختصة: "ترفعها" عند ظهور مؤشرات تضخمية لابطاء /لجم فورات / ظفرات/ فقاعات اقتصادية. و "تخفضها" عند الانكماش/ الركود لعكسه وتحفيز الدورة الاقتصادية.

-ومنذ أواخر التسعينات من القرن الماضي استهلت الحكومات اليمنية المتعاقبة , وبناء على مشورة صندوق النقد الدولي, في تطبيق برامج "الاصلاح الاقتصادي والاداري" والتي بواسطتها لجأت "بشراهة" مالية غير مسبوقة في عمليات إقتراض "مفرطه" للمال لتمويل "عجوزات المالية العامة" (لم تتخارج منها البته) عبر إصدارها " اذون الخزانة العامة" وبأسعار "فائدة" مكلفة (من خانتين).

- ولكن لم يتم في أغلب الحالات إستخدام هذه الأموال المقترضة على الوجه والاهداف الاقتصادية الصحيحة والمثلى (كما ذكر اعلاه) في مشاريع تنموية/استثمارية/انتاجية. للاقتصاد الكلي. بل ذهبت في معظمها مع الريح والمطر.

-وبناء على تقارير مالية اقليمية فأن نسبة الفائدة الحالية المطبقة والبالغة 57% سنويا, على أدوات الدين الحكومي اليمني (اذون الخزانة السيادية) تعتبر واحد من الاعلى على مستوى العالم. التي تفوق على هذه النسبة سوى 3 دول وهي فنزويلا 8.27 % ، زيمبابوي 01 % ، والأرجنتين 38 ، وبرغم كون هذه الدول بهذا الوضع الاقتصادي المتردي إلا أنها تتفوق على اليمن بامتلاكها وحيازتها على موارد إقتصادية ضخمة وهائلة ستمكنها عاجلا أم آجالا, عند اختفاء أسبابها الحالية, من تصويب وتصحيح أوضاعها لامحالة والخروج من حالتها الراهنة المتعثرة.

-وللقارئ الكريم أن يدرك حجم الاعباء المالية ليس في خدمة هذا الدين العام المحلي اجمالا (خدمة= دفع الاصل مع الفوائد) بل في دفع الفوائد فقط 57 % على مبلغ الدين العام اليمني المحلي القائم 7 تريليون ريال يمني .. مبلغ "خرافي" سيضع الدولة أمام سيناريوهات لا تحمد عقباها. حجم فوائد "سيلتهم" نحو 71 -72 % من إيرادات الدولة بناء على آخر ميزانية قدمت من قبل حكومة طيب الذكر معالي دولة رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة في سبتمبر 5100م.

-اذا, اثبتت أداة السياسة النقدية التقليدية المتمثلة في أسعار فائدة مكلفة/عالية (57 %سنويا) بما لا يدعوا للشك فشلها واخفاقها بجدارة.

-وفي حال استمر هذا الوضع كما هو عليه, وعندها, لن يكون أمام الحكومة غير خيارين إثنين وهم في غاية الخطورة. الأول رفع يدها والتوقف عن دفع الفوائد لحاملي اذون خزاناتها ربما تكون نتيجته خلق وضع يسمى "جري " Run - الى/على البنوك من قبل المودعين / المدخرين بغرض سحب أموالهم/ ودائعهم واستثمارها في أدوات أخرى كالعقار,أو الذهب أو العملة او إيداعها مجددا لدى قنوات "الاقتصاد الأسود/الخفي" وما ذلك من ضعف تدريجي للدولة في الأمور المالية والاقتصادية.

-الخيار الثاني للحكومة هو قيامها "بطبع" مزيدا من النقود للوفاء ودفع مستحقات "الفوائد" (لاحظوا نحن نتكلم عن الفوائد لا عن أصول الاذون) مما سيؤدي إلى صب "الزيت على النار " متمثلا في دورة تضخم/ فقاعة أسعار سيكون ضررها الأكبر متمركز في عدة قنوات تصل تداعيات مضارباتها إلى سعر صرف الريال.

-وبناء على هذا التصور , فإن على أصحاب القرار الاقتصادي والمالي أن يجتهدوا ,وفورا, على تقليص حجم الدين المحلي وذلك بوضع تصورات عملية وفعالة (عمليات السوق المفتوح) يمكن استخدامها وتطبيقها حتى لو لزم الأمر الاستعانة بإمكانيات الدوائر الاقتصادية والمالية في دول التحالف (السعودية والإمارات) والخروج السريع والآمن من هذه المعضلة الكبرى التي بدأت "تفور/تغلي" من خلال احجام/عدم تنفيذ البنوك عن تلبية طلبات عملائها بسحب مبالغ من حساباتهم ; بل حتى عدم دفعهم للفائدة "المستحقة كاملة".

-ونكرر ونعيد بأن البدء في تخفيض نسب الفائدة إلى مستويات منطقية تعكس الواقع والمقدرة الاقتصادية والمالية للدولة الراهنة والمستقبلية (ما بعد مرحلة الحرب).

-ان توقف الحرب, بإذن الله, لا يعني انتهاء المشاكل الاقتصادية والمالية والنهوض التلقائي. بل إن التبعات ربما ستكون أكثر صعوبة والحاحا. العلم عند الله.

القادمة. كما يعني حرمان المواطن من الصحة والتعليم والثقافة والعيش الكريم... وهو مستقبلا يعني تحديدا خطف ( اللقمة الروتي ) والا نقول التفاح أو البرتقال ( من افواه أبناء وأحفاد المواطن الحي الصابر الراضي بقدره..

-اما فيما يخص الدين العام الخارجي والبالغ نحو 7 مليارات دولار أمريكي كما في نهاية 5100م فلكم وبدون الخوض في التفاصيل في السودان الشقيق عبرة في ذلك. فهل تعتبروا?. تعلموا...بادروا !