كتابات وآراء


الأحد - 14 يوليه 2019 - الساعة 10:14 م

كُتب بواسطة : قاسم داؤود - ارشيف الكاتب


باهتمام واسع وبقدر من التهويل والتضليل استُقبِل "التسريب" والخبر غير الرسمي عن صدور قرار إماراتي نص على إعادة انتشار وتموضع قواتها المشاركة في العملية العسكرية التي ينفذها التحالف العربي في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، وفي إطاره "القرار" سيتم إعادة بعض من عناصر وتشكيلات القوات الإماراتية إلى بلادها.

وكان لافتًا الاهتمام الذي أولته للموضوع دوائر وإعلام المحور التركي - الإيراني وتوابعه، التي أعادت صياغة المعلومة "غير الرسمية" لتتناسب مع أهوائها، وتقوم بتوظيفها في نشاطها المحموم بأهدافه المعروفة، وعملت على تحميل "الخبر" ما لا يحتمل من الأسباب والدوافع والنتائج، بل واحتفلت به، واعتبرته دليلًا على فشل عملية التدخل العسكري العربي برمتها، وانتصارًا لها. وكان بارزًا دور القوى والتيارات المتدثرة برداء الشرعية على هذا الصعيد.

وبما أن عمر الكذب قصير "كما يقول المثل الشعبي" جاءت الإيضاحات والتأكيدات الإماراتية لتضع الأمور في نصابها، وتضع الإجراء الذي اتخذته في وضعه الطبيعي، وترد على ما تم إشاعته وترويجه. ويمكن الإشارة للتالي مما ورد فيها:

أن القرار قد أعملته اعتبارات ومستجدات "إستراتيجية وتكتيكية"، وأنه جاء ثمرة لمقاربة جديدة للوضع وتوجه جديد يقوم على "الانتقال من إستراتيجية القوة العسكرية أولًا إلى إستراتيجية الجهود السلمية أولًا". وأكدت أن تنفيذ القرار لن ينجم عنه فراغًا، ولن يحدث اختلالًا في ميزان القوى، وأن القرار قد سبقته مناقشات مع الشركاء وأطراف التحالف الأخرى، وبالذات مع القيادة السعودية، ومنذ أكثر من عام. وأن دولة الإمارات لن تتراجع عن دورها والتزاماتها، وستعيد النظر بالقرار في المستقبل إذا تطلبت الحالة واستدعت الضرورة، وستظل تدعم وتشرف على القوات التي دربتها، ويقدر قوامها بـ (90) ألف فرد.

وبما أن هذه الإيضاحات وغيرها تعد كافية لاستبيان الحقيقة، يضاف إليها أن قرارات المشاركة في عاصفة الحزم كان سياديًا وبُنيَ على رؤية إستراتيجية وتقدير صائب لطبيعة الخطر، بما يترتب عليه وما يتطلبه، ومثّل في ذات الوقت ترجمة عملية للشعور بالمسؤولية والواجب، وقد جاءت التطورات اللاحقة لتؤكد صواب القرار، رغم عن كل الأخطاء والاختلالات والتعثر التي رافقت العملية، ليس وقت البحث فيها وتحديد المسئول عنها.

إن قرار القيادة الإماراتية بإعادة انتشار قواتها في اليمن، بما فيه إعادة بعض التشكيلات إلى وطنها يعتبر إجراءً روتينيًا تعمل به كل جيوش العالم، ولا يحتاج بهذا البعد وما تضمنته الإيضاحات الإماراتية كل الذي أثير حوله، ولا يعتبر جديدًا على تجربة القوات العربية المشاركة في عاصفة الحزم في اليمن، حيث كان يجري تعزيزها بنشر الجديد منها، بتقدير صاحب القرار بما تتطلبه المهام الموضوعة لها من قوى بشرية وبمستوى ونوع التسليح، وغيره.

العنصر الجوهري في الإجراء الإماراتي الأخير والذي يستحق الاهتمام والبحث والتحليل هو تعمدها "هذه المرة" الإعلان عن الإجراء الذي اتخذته، والطريقة التي تم بها "أي من خلال المصادر الغير رسمية". وأعتقد أن القيادة الإماراتية قد استهدفت ومن خلال هذه الخطوة الرمزية على الأرض توجيه رسائل سياسية هامة لكل شركاء التحالف في اليمن سواء المعنية منها أو المتدخلة والمهتمة بالوضع في اليمن وفي جوانبه المختلفة..، وتعني أولًا هيئات ومؤسسات وقوى الشرعية، وتاليًا المجتمع الدولي "دول وهيئات ومؤسسات" الراعية للعملية السياسية، والعاملة على القضايا والملفات الأخرى، والمهتمة بالوضع في المنطقة بشكل عام.

ولا ريب في أن المعنيين، والمتابعين للحالة العامة في اليمن منذ مطلع العام 2015م، وربما ما قبلها يدركون دوافع ومحتوى الرسائل الإماراتية، وما تستهدفه، والخطوات التي قد تلحق بها، وهو ما يمكن تناوله في موضوع قادم، انتهى..

نقلاً عن الأيام