كتابات وآراء


السبت - 16 مارس 2019 - الساعة 04:45 م

كُتب بواسطة : صادق ناشر - ارشيف الكاتب


لم يأت المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن جريفيث بجديد، عندما أشار إلى عدم تحقيق تقدم في تطبيق اتفاق السويد، القاضي بإعادة انتشار القوات في الحديدة اليمنية وموانئها الثلاثة، إذ إنه كان من الواضح أن الاتفاق لا يحظى بموافقة جماعة الحوثي، وأن القبول به لم يعدُ عن كونه محاولة لتكوين انطباع إيجابي لدى الرأي العام الخارجي، أما على المستوى الداخلي، فإن الجميع كان يدرك أن الاتفاق لن ينفذ، وأن "الشيطان" حضر في التفاصيل أثناء محاولة تطبيقه على الأرض.

جريفيث قال في إفادة له أمام مجلس الأمن الدولي الذي عقد جلسة مغلقة لهذا الغرض قبل يومين، إنه لا يزال يتواصل مع مختلف الأطراف للبدء بتنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق السويد، الذي تعطل أكثر من مرة، وفي حين شكر الحكومة الشرعية على مرونتها في الإعداد للمرحلة الأولى من إعادة الانتشار، أكد أن الثقة بين الطرفين شبه معدومة لتنفيذ الخطة، مبدياً تخوفاً من "انتكاسة ستؤثر في بقية الملفات المتفق بشأنها في السويد"، في إشارة إلى قضيتين رئيسيتين، الأولى تتعلق بتنفيذ اتفاق تبادل الأسرى، والثانية تهدئة الأوضاع في مدينة تعز، التي تتعرض لحصار من قبل القوات التابعة لجماعة الحوثي.

عجز جريفيث عن تحقيق اختراق حقيقي جاء رغم أنه استبسل خلال عام من توليه ملف اليمن، بدلاً عن المبعوث السابق إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لإظهار قدرته على تحقيق ما عجز عنه الآخرون، واكتشف متأخراً أن الجماعة ليست في وارد تقديم تنازلات بما يشبه "الصفقة" لإظهاره دبلوماسياً ناجحاً، وأنه قادر على إحداث اختراق جدي في الأزمة، مع أن كل الدلائل والمؤشرات تؤكد أن الجماعة ظلت طوال فترة إسماعيل ولد الشيخ أحمد، ترفض الالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي الذي تعامل معها باعتبارها جماعة انقلبت على سلطة شرعية، وخاصة في القرار 2216، كما أنها لم تأبه للمعاناة التي تسببت بها الحرب التي أشعلتها في طول البلاد وعرضها، فاستكثرت تطبيق اتفاق الحديدة الذي كان من شأن تنفيذه أن يمهد لمفاوضات تقود إلى تسوية سياسية شاملة.

السؤال هنا: هل وصلت الأمم المتحدة إلى قناعة، وإن كانت متأخرة، بأن الحل في اليمن لن يأتي بالطريقة التي يدير بها جريفيث المفاوضات، أم أنها تحتاج وقتاً أكثر للتعرف إلى المراوغات التي يمارسها الانقلابيون على الأرض؟

في نظرة فاحصة لمسار تطبيق اتفاق السويد، فإن ما يقرب من ثلاثة أشهر من التلكؤ عن تنفيذ الاتفاق، يعطي إشارة واضحة تؤكد عدم وجود استعداد في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه، ولهذا وجد جريفيث نفسه حائراً في كيفية تسويق عجز تطبيق الاتفاق تحت يافطة "تعقيد الوضع"، فمن الواضح أنه أخفق في تقديم نفسه دبلوماسياً لا يشق له غبار، وأنه قادر على تحقيق ما عجز عنه المبعوثون السابقون.