كتابات وآراء


الخميس - 28 فبراير 2019 - الساعة 10:31 م

كُتب بواسطة : أحمد عاطف - ارشيف الكاتب


لا يسع المرء الا الترحيب وبحرارة بالعقلانية السياسية والرؤية الواقعية التي تتحلى بها قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي تجاه الوضع السياسي والعسكري المعقد في اليمن شمالاً وجنوباً وبحس عالي بالمسؤولية وبرباطة جأش قل مثيلها وهو ما شاهده العالم في اكثر من منعطف للاحداث في الجنوب خلال الفترة القصيرة الماضية سواء اكان ذلك في مواجهة الفساد الحكومي (حكومة د. احمد بن دغر مثالاً) او ضبط النفس في احداث يناير 2018م، او القدرة العجيبة على امتصاص الهجمات المعادية من اولئك الذين أزعجهم أداء المجلس الانتقالي الرصين في عدة مستويات محلية كاستكمال بنيته التنظيمية في كل محافظات ومدن الجنوب وعقد اجتماعات جمعيته الوطنية مؤخراً في المكلا بحضرموت بعد انعقادها في العاصمة عدن، وتعزيز ارتباطه بتطلعات شعب الجنوب المشروعة في الحرية واستقلال القرار وحرصه على تأكيد موقعه كشريك يعتمد عليه لدول التحالف العربي، ناهيك عن نجاحاته في فتح مكاتبه ( سفاراته ) في عواصم صناعة القرار الدولي في اوروبا وامريكا ودول الخليج العربي الشقيقة، حتى اصبحنا نسمع عن دعوات رسمية لقيادة الانتقالي من دول اعضاء في مجلس الامن الدولي كبريطانيا وروسيا الاتحادية وامريكا.

واليوم يدرك المجلس الانتقالي، من خلال مشاهدتي لتصريحات قياداته ومناشطه المختلفة، ان الحرب في اليمن قد آن لها ان تصل الى نهايتها بعد اربعة اعوام عجز فيها دعاة الحل العسكري عن تحقيق الانتصار، فأصبح المجال مفتوحاً لفرسان العمل السياسي والدبلوماسي لتحقيق ما لم يستطع انجازه عساكر الزمن البائد، لقد أزفت مرحلة المبادرات السياسية العقلانية التي تحفظ دماء الابرياء وتحقق انفراجة في الاوضاع الانسانية المتدهورة لابناء الشمال والجنوب على حد سواء.

من هذا المنطلق يمكن فهم مبادرة قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي التي افصح عنها الدكتور ناصر الخبجي الاربعاء ٢٧ فبراير 2019م في مقابلة هامة له مع وكالة (سبوتنك).

حيث أشار الى ترحيب المجلس الانتقالي الجنوبي بحل اقامة نظام الدولتين (الكونفيدرالية) بين الشمال والجنوب وفقاً لحدود ١٩٩٠م وذلك في اطار مظلة حكومية كونفيدرالية مناصفة بين الشمال والجنوب لفترة زمنية يحددها الدستور الجديد.

ان هذه المبادرة تعني ان المجلس الانتقالي ليس داعية للحرب بل للسلام والامن والاستقرار، وانه شريك فاعل ويعتمد عليه وذا مصداقية مع دول التحالف ومع الامم المتحدة والمبعوث الخاص لأمينها العام؛ كما تشير هذه المبادرة وبجلاء الى أن الانتقالي ليس قوة انعزالية او انفصالية كما يحلو للبعض وصفه زوراً بل شريكاً مسؤولاً يعي مصالح جميع الاطراف وبمرونة واقتدار عاليين.

ياترى ماذا سيكون موقف الأخوة في السلطة الشرعية (الرئاسة والحكومة) من هذه المبادرة الجديدة التي تقدم بها الدكتور ناصر الخبجي، وهل سيبادرون الى الاعتراف بالانتقالي والحوار معه كشريك ام سيتصرفون بحماقة ويمتنعون عن الامساك بطوق النجاة الذي قدمه لهم الانتقالي بمبادرته الجديدة؟

سنرى ولعل وعسى!