كتابات وآراء


الجمعة - 07 ديسمبر 2018 - الساعة 03:28 م

كُتب بواسطة : أحمد عاطف - ارشيف الكاتب


بدأت عجلة المباحثات، التي انطلقت في السويد، كمشاورات أولية لبناء الثقة بين الشرعية والحوثيين باعتبارهما الطرفان المعنيان بوقف الحرب في اليمن. ولايخفى على أي متتبع التعقيدات المتعددة التي سيجابهها المتفاوضون سواءاً اليوم في السويد ام في غيرها من العواصم التي ستنتظر الماراثون التفاوضي اليمني.

ولعل أبرز هذه التعقيدات تكمن في المرجعيات الثلاث التي تتمسك بها الشرعية (مخرجات مؤتمر الحوار والمبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن ٢٢١٦)، بالإضافة إلى التعقيدات الناشئة عن الوضع العسكري على الأرض وعدم خروج أي من الطرفين منتصراً من المعركة التي انطلقت في 2015م؛ ناهيك عن الضغط الدولي المطالب بإيقاف الحرب فوراً وتصاعد مطالبات أعضاء مهمين في الكونجرس من الحزبين لوقف التعاون العسكري مع السعودية على إثر مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي؛ كلها تعقيدات ستؤثر دون شك على إدارة دول التحالف للحرب وسينعكس ذلك على مجريات التفاوض الذي بدأ اليوم ولن ينتهي قريباً.

انعقاد مفاوضات السويد في ظل كل هذه التعقيدات والمتغيرات سيجعل الشرعية في مأزق: فلا هي استطاعت تحقيق نصر عسكري كاسح ضد الحوثيين يساعدها في فرض شروطها على طاولة التفاوض، ولا استطاعت فرض وجودها في المناطق المحررة.

وهذا المأزق سيجعل وفد الشرعية (والتحالف بالنتيجة) في موقف ضعيف لن يمكنهم من إقناع العالم (ناهيك عن إقناع الحوثيين) بضرورة قيام الحوثيين بتسليم أسلحتهم وادارات الدوله في صنعاء طوعاً للشرعية.

ولذا يبدو أن الهدف الرئيسي من مباحثات السويد هو تسجيل نصر سياسي، ولو شكلي، للأمم المتحدة ومندوبها من خلال الوصول إلى وقف الحرب.

وقف الحرب يصب في صالح الشعب في الشمال والجنوب وفي صالح الحوثيين والجنوبيين وليس الشرعية وهذا إضافة جديدة لمأزقها حيث:

- سيستفيد الحوثيون من وقف الحرب في تعزيز مواقعهم في الحديدة وبقية الجبهات، وتعزيز سلطتهم داخل صنعاء، وفي فتح مطار صنعاء الدولي، وسيكسبون دعم المجتمع الدولي وأنصارهم الإقليميين الذين سيمدونهم بالمؤن والنقود والعتاد، وسيعملون على تطبيع الأوضاع في مناطقهم وتكريس وجودهم كسلطة أمر واقع.

- وسيستفيد الجنوبيون من وقف الحرب في وقف نزيف الدم الجنوبي في جبهات الشمال، وستخلق مناخات الحوار السياسي لمستقبل اليمن سيكون للجنوبيين دوراً رئيساً فيها.

كما سينتهي دور أمراء الحرب والمستفيدين من استمراريتها داخل الشرعية وخارجها وهذا سيساعد المواطن الجنوبي على التقاط أنفاسه وتعزيز مطالبه سلمياً عبر الحراك الجماهيري الذي انطلق قبل أكثر من عقد من الزمان ومازال.

مأزق الشرعية سيمنعها من معارضة لعمل المبعوث الدولي وتحركاته مع كل الأطراف لأن شرعيتها أساساً مستمدة من الأمم المتحدة.

كما انعدام تأثير الشرعية على الأرض سيعزز من مأزقها ولن يمنحها كروتاً للضغط على الحوثيين، كان بإمكان الشرعية استخدام ما تحقق من انتصارات في الجنوب والساحل الغربي لو هي أحسنت التصرف مع القوى الجنوبية المسيطرة هناك وخاصة المجلس الانتقالي.

هل هناك متسع من الوقت لأن يراجع الرئيس هادي مواقف الشرعية من الجنوبيين بما يتناسب والحقائق على الأرض؟ أرجو ذلك.